والثاني: أن الذي تقدم ذكره في وجوه يقتضي كونه واحداً، كقوله:«كَمشْكَاةٍ» وقوله: «فيهَا مِصْبَاحٌ» وقوله: «فِي زُجَاجَةٍ» وقوله: {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ}[النور: ٣٥] ، ولفظ «البُيُوت» جمع، ولا يصح كون هذا الواحد في كل البيوت.
وأجيب عن الأول: أن المصباح الموضوع في الزجاجة الصافية إذا كان في المساجد كان أعظم وأضخم، فكان أضوأ، فكان التمثيل به أتم وأكمل.
وعن الثاني: أنه لما كان القصد بالمثل هذا الذي له هذا الوصف فيدخل تحته كل مشكاة فيها مصباح في زجاجة يتوقد من الزيت، فتكون الفائدة في ذلك أن ضوءه يظهر في هذه البيوت بالليالي عند الحاجة إلى عبادة الله تعالى، كقوله:«الذي يصلح لخدمتي رجل يرجع إلى علم وقناعة يلزم بيته» لكان وإن ذكر بلفظ الواحد، فالمراد النوع، فكذا ههنا.
الثالث: أنه صفة ل «زجاجة» . .
الرابع: أنه يتعلق ب «يُوقَدُ» أي: يُوقَد في بيوت، والبيوت هي المساجد قال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: المساجد بيوت الله في الأرض، وهي تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض. وعلى هذه الأقوال الأربعة لا يوقف على «عَلِيمٌ» .
الوجه الخامس: أنه متعلق بمحذوف كقوله: {فِي تِسْعِ آيَاتٍ}[النمل: ١٢] أي: سبحوه في بيوت.
السادس: أنه متعلق ب «يُسَبِّحُ» أي: يسبح رجال في بيوت، و «فيهَا» تكرير للتوكيد كقوله: {فَفِي الجنة خَالِدِينَ فِيهَا}[هود: ١٠٨] وعلى هذين القولين فيوقف على «عَلِيمٌ» .
قوله:«أَذِنَ اللَّهُ» في محل جر صفة ل «بُيُوت» ، و «أَنْ تُرْفَع» على حذف الجار، أي: في أن ترفع. ولا يجوز تعلق «فِي بُيُوتٍ» بقوله: «وَيُذْكرَ» لأنه عُطِفَ