للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

التوراة على موسى عليه السلام شق على قوم آخرين، فإن اقتضت نَفْرة هؤلاء لإنزال القرآن قُبْحه فلتقتض نَفْرة أولئك المتقدمين قبح إنزال التوراة على موسى عليه السلام قبحه، ومعلوم أن كل ذلك باطل، فثبت بهذه الوجوه فساد ما قالوه.

فإن قيل: إنا نرى اليهود في زماننا مُطبقين على إنكار ذلك مصرّين على أن احداً مِنْ سَلَفهم لم يقل بذلك.

فالجواب: أن هذا باطل، لأن كلام الله أصدق، ولأن جهلهم كان شديداً، وهم الذين قالوا: {اجعل لَّنَآ إلها كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: ١٣٨] .

قوله تعالى: «مَن كَانَ عَدُوّاً لِّجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ} » مَنْ «شرطية في محلّ رفع بالابتداء، و» كان «خبره على ما هو الصحيح كما تقدم، وجوابه محذوف تقديره: من كان عدوّاً لجبريل فلا وجه لعداوته، أو فليمت غيظاً ونحوه.

ولا جائز أن يكون» فَإِنَّهُ نَزَّلهُ «جواباً للشرط لوجهين:

أحدهما: من جهة المعنى.

والثاني: من جهة الصناعة.

أما الأول: فلأن فعل التنزيل متحقّق المضي؛ والجزاء لا يكون إلا مستقبلاً.

ولقاتل أن يقول: هذا محمول على التَّبين، والمعنى: فقد تبين أنه نزله، كما قالوا في قوله: {وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ} [يوسف: ٢٧] ونحوه.

وأما الثاني: فلأنه لا بد من جملة الجزاء من ضمير يعود على اسم الشرط فلا يجوز: مَنْ يقم فزيد منطلق، ولا ضمير شفي قوله:» فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ «يعود على» مَنْ «فلا يكون جواباً للشرط، وقد جاءت ماضع كثيرة من ذلك، ولكنهم أَوَّلُوهَا على حذف العائدن فمن ذلك قوله: [الوافر]

٦٧٧ - فَمَنْ تكُنِ الْحَضَارَةُ أَعْجَبَتْهُ ... فَأَيَّ رِجَالِ بَادِيَةٍ تَرَانَا

وقوله: [الطويل]

٦٧٨ - فَمَن يِكُ أَمْسَى بِالْمَدينَةِ رَحْلُهُ ... فَإِنِّي وَقَيَّارٌ بَهَا لَغَرِيبُ

وينبغي أن بينى ذلك على الخلاف ف يخبر اسم الشَّرْط.

فإن قيل: إنَّ الخبر هو الجزاء وحده أو هو الشَّرْط فلا بدّ من الضمير، وإن قيل بإنه فعل الشَّرْط، فلا حاجة إلى الضمير، وقد تقدم قول أبي البقاء وغيره في ذلك عند

<<  <  ج: ص:  >  >>