في «بَعْضُها» أن تكون بدلاً من «ظُلُمَاتٌ» ورد عليه من حيث المعنى، (إذ المعنى) على الإخبار بأنها ظلمات، وأن بعض تلك الظلمات فوق بعض وصفاً لها بالتَّراكم، لا أنَّ المعنى أنَّ بعض تلك الظلمات فوق بعض من غير إخبار بأن تلك الظلمات السابقة ظلماتٌ متراكمة.
وفيه نظرٌ، إذ لا فرق بين قولك: بعض الظلمات فوق بعضٍ، وبين قولك: الظلماتُ بعضُهَا فوق بعض، وإن تُخُيِّل ذلك في بادئ الرأي.
قوله:{إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} . تقدم الكلام في «كاد» وأنَّ بعضهم زعم أنَّ نَفْيَهَا إثباتٌ وإثباتها نفيٌ، وتقدمت أدلة ذلك في البقرة عند قوله:{وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ}[البقرة: ٧١] .
وقال الزمخشري هنا:{لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} مبالغة في (لَمْ يَرَهَا) أي: لم يَقْرُب أن يَرَاهَا فَضلاً (عن) أن يراها، ومنه قوله ذي الرمة:
أي: لم يَقْرُبْ مِنَ البِرَاحِ فَمَا بَالُهُ يَبْرحُ. وقال أبو البقاء: اختلف الناس في تأويل هذا الكلام، ومنشأ الاختلاف فيه أنَّ موضوع «كَادَ» إذا نفيت وقوع الفعل، وأكثر المفسرين على أن المعنى: أنه لا يرى يَدَهُ، فعلى هذا في التقدير ثلاثة أوجه:
أحدها: أن التقدير: لَمْ يَرَهَا وَلَمْ يَكَدْ، ذكره جماعةٌ من النحويين، وهذا خطأ لأن قوله:«لَمْ يَرَهَا» جَزْمٌ بنفي الرؤية، وقوله:«لَمْ يَكَدْ» إذا أخرجها على مقتضى الباب كان التقدير: وَلَمْ يَكَدْ يَرَاهَا، كما هو مُصَرَّحٌ به في الآية، فإن أراد هذا القائل أنه لم يكد يراها وأنه يراها بعد جَهْدٍ، تناقض، لأنه نفى الرؤية ثم أثبتها.
وإن كان معنى {لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} لم يَرَها البتَّة على خلاف الأكثر في هذا الباب فينبغي أن يحمل عليه من غير أن يقدِّر «لَمْ يَرَهَا» .