وأما ما ذكره من زيادة «كاد» فهو قول أبي بكر وغيره، ولكنه مردود عندهم.
وأما ما ذكره من المعنى الثاني، وهو أنه رآها بعد جهد، فهو مذهب الفراء والمبرد. والعجب كيف يعدل عن المعنى الذي أشار إليه الزمخشري، وهو المبالغة في نفي الرؤية.
وقال ابن عطية ما معناه: إذا كان الفعل بعد «كاد» منفيًّا دلَّ على ثبوته، نحو:«كاد زيد لا يقوم» ، أو مثبتاً دلَّ على نفيه، نحو:«كاد زيد يقوم» وتقول: «كَادَ النَّعام يَطِير» فهذا يقتضي نفي الطيران عنه، فإذا قلت:«كاد النعام ألا يطير» وجب الطيران له، وإذا تقدم النفي على «كاد» احتمل أن يكون موجباً وأن يكون منفياً، تقول:«المفْلُوجُ لا يكاد يَسْكُنُ» فهذا يتضمَّن نفي السكون، وتقول:«رجل مُنْصَرِفٌ لا يكاد يَسْكُنُ» فهذا تضمن إيجاب السكون بعد جَهْدٍ.
فصل
اعلم أن الله تعالى بين أنَّ أعمال الكفار إن كانت حسنةً فمثلها السراب، وإن كانت قبيحةً فهي الظلمات، وفيه وجه آخر، وهو أن أعمالهم إما كسراب بقيعة وذلك في الآخرة، وإما كظلمات في بحر وذلك في الدنيا. وقيل: إن الآية الأولى في ذكر أعمالهم، وأنهم لا يَحْصلون منها على شيء، والآية الثانية في ذكر عقائدهم، فإنها تشبه الظلمات، كما قال:( {يُخْرِجُهُمْ مِّنَ الظلمات إِلَى النور} )[البقرة: ٢٥٧] أي: من الكفر إلى