يُؤَلِّفُ» . وقالون عن نافع والباقون يهمزون «يُؤَلِّفُ» .
قوله:{ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً} أي: متراكماً يركب بعضها على البعض ويتكاثف، والعرب تقول: إن الله تعالى إذا جعل السحاب ركاماً بالريح عصر بعضه بعضاً فخرج الودق منه، ومن ذلك قوله تعالى:{وَأَنزَلْنَا مِنَ المعصرات مَآءً ثَجَّاجاً}[النبأ: ١٤] ، ومن ذلك قول حسان بن ثابت:
وروي:«لِلْمِفْصَلِ» بكسر الميم وفتح الصاد. فالمَفْصَلُ: واحد المفاصل. والمِفْصَل: اللسان. وروي بالقاف. أراد حسان الخمر والماء الذي مزجت، أي: من عصير العنب، وهذه من عصير السحاب، نقله ابن عطية. وقال أهل الطبائع: إن تكوين السحاب والمطر والثلج والبرد والطل والصقيع في أكثر الأمر يكون من تكاثف البخار، وفي الأقل من تكاثف الهواء.
أما الأول فالبخار الصاعد إن كان قليلاً وكان في الهواء من الحرارة ما يحلل ذلك البخار فحينئذ ينحل وينقلب هواء، وإن كان البخار كثيراً ولم يكن في الهواء من الحرارة ما يحلله فتلك الأبخرة المتصاعدة إمّا أن تبلغ في صعودها إلى الطبقة الباردة من الهواء أو لا تبلغ.
فإن بلغت فإما أن يكون البرد قوياً أو لا يكون. فإن لم يكن البرد هنا قوياً تكاثف ذلك البخار بذلك القدر من البرد واجتمع وتقاطر، فالبخار المجتمع هو السحاب، والمتقاطر هو المطر، والديمة والوابل إنما يكون من أمثال هذه الغيوم. وإن كان البرد شديداً فلا يخلو إما أن يصل البرد إلى الإجزاء البخارية قبل اجتماعها وانحلالها حبات كبار أو بعد صيرورتها كذلك. فإن كان على الوجه الأول نزل ثلجاً. وإن كان على الوجه الثاني نزل برداً فإن لم تبلغ الأبخرة إلى الطبقة الباردة فإما أن تكون كثيرة أو قليلة.