وليس ردُّهما بصوابٍ، لأنَّها تَتَخرّجُ على ما خُرِّجَ ما قُرِئَ به في المتواتر:«تُنْبِتُ بالدُّهْنِ» من أنَّ الباء مزيدةٌ، أو أنَّ المفعول محذوف والباء بمعنى «مِنْ» تقديره: يَذهب النور من الأبصار، كقوله:
٣٨٤٤ - شُرْبَ النَّزِيفِ بِبَرْدِ مَاءِ الحَشْرَجِ ... فصل
المعنى: يكاد ضوء برق السحاب يذهب بالأبصار من شدة ضوئه. واعلم أنّ البرق الذي صفته كذلك لا بد وأن يكون ناراً عظيمة خالصة، والنار ضد الماء والبرد، فظهوره يقتضي ظهور الضد من الضد، وذلك لا يمكن إلا بقدرة قادر حكيم، ثم قال:{يُقَلِّبُ الله الليل والنهار} يصرفهما في اختلافهما، ويعاقبهما: يأتي بالليل ويذهب بالنهار، ويأتي بالنهار ويذهب بالليل قال عليه السلام:«قال الله تعالى: يُؤْذيني ابن آدم، يَسُبُّ الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر، أُقَلِّبُ الليلَ والنهارَ» وقيل: المراد ولوج أحدهما في الآخر.
وقيل: المراد تغير أحوالهما في الحر والبرد وغيرهما. {إِنَّ فِي ذلك لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأبصار} أي: إن في الذي ذكرت من هذه الأشياء {لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأبصار}