النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - ويعجبه حديثه، فقدم ذات يوم من سفر، فصنع طعاماً، ودعا الناس، ودعا الرسول، فلما قرب الطعام قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -» ما أنا بآكل طعامك حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله «فقال عقبة: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أَنّ محمداً رسول الله، فأكل الرسول من طعامه، وكان عقبة صديقاً لأبيّ بن خلف، فلما أتى أُبي بن خلف قال له: يا عقبة صبأت، قال: لا والله ما صبأت، ولكن دخل عليّ فأبَى أن يأكل طعامي إلا أن أشهد له، فاستحييت أن يخرج من بيتي ولم يطعم فشهدت له، فطعم. فقال: ما أنا بالذي أرضى منك أبداً إلا أن تأتيه وتبزق في وجهه، وتطأ على عنقه، ففعل ذلك عقبة، فقال عليه السلام: لا ألقاك خارجاً من مكة إلا علوتك بالسيف» ، فقتل عقبة يوم بدر صبراً، وأما أبيّ بن خلف فقتله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بيده يوم أحد.
قال الضحاك: لما بزق عقبةُ في وجه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عاد بزاقه في وجهه، فاحترق خداه، فكان أثر ذلك فيه حتى الموت.
وقال الشعبي: كان عقبة بن أبي معيط خليل أمية بن خلف فأسلم عقبة فقال أمية: وجهي من وجهك حرام إن بايعت محمداً، فكفر وارتد، فأنزل الله - عزَّ وجلَّ - {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظالم على يَدَيْهِ} يعني: عُقبة، يقول:{ياليتني اتخذت مَعَ الرسول سَبِيلاً} ، أي: ليتني اتبعت محمداً فاتخذت معه سبيلاً إلى الهدى. وقرأ أبو عمرو {يَا لَيَتَنِي اتَّخَذْتُ} بفتح الياء، والآخرون بإسكانها.
الثاني: قالت الرافضة: الظالم هو رجل بعينه، وإن المسلمين عرفوا اسمه وكتموه، وجعلوا فُلاناً بدلاً من اسمه، وذكروا فاضلين من أصحاب الرسول.
ومن حمل الألف واللام على العموم، لأنها إذا دخلت على الاسم المفرد أفادت العموم بالقرينة، وهي أنَّ ترتيب الحكم على الوصف مشعر بعلية الوصف، فدلّ على أنَّ المؤثر في العض على اليدين كونه ظالماً، فيعم الحكم لعموم علته.