الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - كان أحسن منها صورة وخلقة) ، وبتقدير أنه لم يكن كذلك، لكنه - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - ما كان يدعي التميز عنهم بالصورة بل بالحجة. والثاني باطل، لأنه - عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ - ادَّعى التميز عليهم بظهور المعجز عليه دونهم، وأنهم ما قدروا على القدح في حجته، ففي الحقيقة هم الذين يستحقون أن يهزأ بهم، ثم إنهم لوقاحتهم قلبوا القضية، واستهزءوا بالرسول، وذلك يدل على (أنه ليس للمبطل في كل الأوقات) إلا السفاهة والوقاحة.
والنوع الثاني: قولهم: {إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا} فَسَمُّوا ذلك ضلالاً، وذلك يدل على أنهم كانوا مبالغين في تعظيم آلهتهم، ويدل على جده واجتهاده في صرفهم عن عبادة الأوثان فلهذا قالوا:{إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبْرَنَا عَلَيْهَا} ، وذلك يدل على أنهم كانوا مقهورين بالحجة، ولم يكن في أيديهم إلا مجرد (الوقاحة) .
قوله:«من أضل» جملة استفهامية معلقة ب «يَعْلَمُون» فهي سادَّةٌ مسدّ مفعوليها إن كان على بابها، ومسدّ واحد إن كانت بمعنى (عرف) . ويجوز في «من» أن تكون موصولة، و «أَضَلَّ» خبر مبتدأ مضمر هو العائد على «من» تقديره: من هو أضل، وإنما حذف للاستطالة بالتمييز، كقولهم: ما أنا بالذي قائل لك سوءاً. وهذا ظاهر إن كانت متعدية لواحد، وإن كانت متعدية لاثنين فيحتاج إلى تقدير ثان ولا حاجة إليه.