معلقة ل «تَرَ» فهي في موضع نصب، وقد تقدم القول في «أَلَمْ تَرَ» .
فصل
الظل عبارة عن عدم الضوء مما شأنه أن يضيء، وهو ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، جعله ممدوداً، لأنه ظل لا شمس معه، كما قال في ظل الجنة {وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ}[الواقعة: ٣٠] إذ لم يكن معه شمس، {وَلَوْ شَآءَ لَجَعَلَهُ سَاكِناً} دائماً ثابتاً لا يزول ولا تذهبه الشمس.
وقال أبو عبيدة: الظل ما نسخته الشمس وهو بالغداة، والفيء ما نسخ الشمس. سمي فيئاً، لأنه فاء من جانب المغرب إلى جانب المشرق، {ثُمَّ جَعَلْنَا الشمس عَلَيْهِ دَلِيلاً} ، أي: على الظل دليلاً، ومعنى دلالتها عليه أنه لو لم تكن الشمس لما عرفت الظل، ولولا النور ما عرف الظلمة، والأشياء تُعْرَفُ بأضدادها.
قال الزمخشري: فإن قُلتَ: «ثم» في هذين الموضعين كيف موقعها قلت موقعها لبيان تفاضل الأمور الثلاث، كأن الثاني أعظم من الأول، والثالث أعظم منهما تشبيهاً لتباعد ما بينهما في الفضل بتباعد ما بينهما في الوقت.
قوله:«ثُمَّ قَبَضْنَاهُ» يعني: الظل {إِلَيْنَا قَبْضاً يَسِيراً} بالشمس التي تأتي عليه، والقبض جمع المنبسط من الشيء، معناه: أن الظل يعم جميع الأرض قبل طلوع الشمس، فإذا طلعت الشمس قبض الله الظل جزءاً فجزءاً «قَبْضاً يَسِيراً» أي: خفياً، وقيل: المراد من قبضها يسيراً قبضها عند قيام الساعة، وذلك قبض أسبابها، وهي الأجرام التي تلقي الظلال. وقوله:«يَسِيراً» كقوله: {حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ}[ق: ٤٤] قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الليل لِبَاساً} الآية. هذا هو النوع الثاني شبه الليل من حيث يستر الكل ويغطي باللباس الساتر للبدن، ونبه على (ما لنا فيه) من النفع