خلق، وأن يكون منصوباً بفعل مضمر، وأن يكون صفة للحي الذي لا يموت، أو بدلاً، أو بياناً هذا على قراءة «الرَّحْمَنُ» بالرفع ومن قرأه بالجر فيتعين أن يكون «الَّذِي خَلَقَ» صفة للحي فقط.
قوله:{فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} فيه سؤال، وهو أن الأيام عبارة عن حركة الشمس في السموات فقيل السموات لاً أيام، فكيف قال: خلقها في ستة أيام؟
والجواب: في مدة مقدارها (هذه المدة) ، لا يقال: الشيء الذي يتقدر بمقدار محدود ويقبل الزيادة والنقصان والتجزئة لا يكون عدماً محضاً بل لا بد وأن يكون موجوداً فيلزم من وجوده وجود مدة قبل وجود العالم وذلك يقتضي قدم الزمان، لأنا نقول: هذا معارض بنفس الزمان، لأن المدة المتوهمة المحتملة لعشرة أيام لا تحتمل بخمسة أيام والمدة المتوهمة المحتملة لخمسة أيام لا تحتمل عشرة أيام فيلزم أن يكون للمدة مدة أخرى، فلما لم يلزم من هذا قدم الزمان لم يلزم ما قلتموه، وعلى هذا نقول لعل الله سبحانه خلق المدة أولاً ثم خلق السموات والأرض فيها بمقدار ستة أيام. وقيل: في ستة أيام من أيام الآخرة كل يوم مقداره ألف سنة. وهو بعيد، لأن التعريف لا بد وأن يكون بأمر معلوم لا بأمر مجهول. فإن قيل: لم قدر الخلق والإيجاد بهذا المقدار؟
فالجواب على قول أهل السنة المشيئة والقدرة كافية للتخصيص، وقالت المعتزلة: لا بد وأن يكون من حكمة وهو أن التخصيص بهذا المقدار أصلح، وهذا بعيد لوجهين:
الأول: أن حصول تلك الحكمة إما أن يكون واجباً لذاته أو جائزاً، فإن كان واجباً وجب أن لا يتغير فيكون حاصلاً في كل الأزمنة فلا يصلح أن يكون سبباً لزمان معين، وإن كان جائزاً افتقر حصول تلك الحكمة في ذلك الوقت إلى مخصص آخر، ولزم التسلسل.
والثاني: أن التفاوت بين كل واحد مما لا يصل إليه خاطر المكلف وعقله فحصول ذلك التفاوت لما لم يكن مشعوراً به كيف يقدح في حصول المصالح.