وإنما يدلّ عليه قوله:{فأولئك يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} .
فصل
نقل عن ابن عباس أنه قال: توبة القاتل لا تقبل، وزعم أن هذه الآية منسوخة (بقوله تعالى) : {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً}[النساء: ٩٣] ، وقالوا: نزلت الغليظة بعد اللينة بمدة يسيرة، وعن الضحاك ومقاتل بثمان سنين، وتقدم في سورة النساء.
فإن قيل: العمل الصالح يدخل في التوبة والإيمان فذكرهما قبل العمل الصالح حَشْوٌ؟ فالجواب: أفردهما بالذكر لعلوّ شأنهما ولما كان لا بدَّ معهما من سائر الأعمال لا جرم ذكر عقيبهما العمل الصالح.
قوله:{فأولئك يُبَدِّلُ الله سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} .
قال ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير والسدي ومجاهد وقتادة: التبديل إنما يكون في الدنيا، فيبدل الله تعالى قبائح أعمالهم في الشرك بمحاسن الأعمال في الإسلام، فيبدلهم بالشرك إيماناً، وبقتل المؤمنين قتل المشركين، وبالزنا إحصاناً وعفة. وقيل: يبدل الله سيئاتهم التي عملوها في الإسلام حسنات.
قال الزجاج: السيئة بعينها لا تصير حسنةً، فالتأويل: أن السيئة تمحى بالتوبة وتكتب الحسنة مع التوبة، والكافر يُحْبِطُ اللَّه عَمَلَهُ ويثبت عليه السَّيِّئَات.
قوله:«سَيِّئَاتِهِمْ» هو المفعول الثاني للتبديل، وهو المقيد بحرف الجر، وإنما حذف، لفهم المعنى، و «حسنات» هو الأول المسرح، وهو المأخوذ، والمجرور بالباء هو المتروك، وقد صرح بهذا في قوله تعالى:{وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ}[سبأ: ١٦] وقال: