قوله:{وَإِذْ نادى رَبُّكَ موسى} حين رأى الشجرة والنار {أَنِ ائت القوم الظالمين} أي: الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعصية، فحكم عليهم بالظلم من وجهين:
الأول: ظلموا أنفسهم بكفرهم.
والثاني: ظلمهم بني إسرائيل باستعبادهم وسومهم سوء العذاب. «قَوْمَ فِرْعَوْنَ» عطف «قَوْمَ فِرْعَوْنَ» على «القَوْمَ الظَّالِمينَ» فهما يدلان لفظاً على معنى واحد. «أَلَا يَتَّقُونَ» أي: يصرفون عن أنفسهم عقوبة الله بطاعته. ومن قرأ «تَتَّقُونَ» بالخطاب فعلى الالتفات إليهم وصرف وجوههم بالإنكار والغضب عليهم، كمن يشكو من جناية والجاني حاضر، فإذا اندفع في الشكاية، وحمي غضبه قطع بأنه يخاطب صاحبه، وأقبل على الجاني يوبخه ويعنفه ويقول له: ألم تتق الله؟ ألم تستحي من الناس؟ فإن قيل: فما الفائدة في هذا الالتفات والخطاب مع موسى - عليه السلام - في وقت المناجاة، والملتفت إليهم غائبون لا يشعرون؟ . قلنا: أجري ذلك في تكليم المرسل إليهم معنى إجرائه بحضرتهم وإلقائه إلى مسامعهم، لأنه مبلغهم، وله فيه لطف وحث على زيادة التقوى، وكم من آية نزلت في الكافرين وفيها أوفر نصيب للمؤمنين تدبراً بها، واعتباراً بمواردها.