ورابعها: أنهم لما تواضعوا (له) وقدموه على أنفسهم فقدمهم على نفسه رجاء أن يصير تواضعه سبباً لقبول الحق، ولقد حصل ببركة ذلك التواضع ذلك المطلوب.
قوله:{فَأَلْقَوْاْ حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ} . روي عن ابن عباس قال: كانت مطلية بالزئبق، والعصي مجوفة مملوءة من الزئبق، فلما حيمت اشتدت حركتها، فصارت كأنها حيات تدب من كل جانب من الأرض.
قوله:«بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ» . يجوز أن يكون قَسَماً، وجوابه:{إِنَّا لَنَحْنُ الغالبون} ويجوز أن يتعلق ب «الغَالِبُونَ» لأن ما في حيز «إِنَّ» لا يتقدم عليها.
قوله:{فألقى موسى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} تقدم خلاف القراء في «تَلْقَفُ» وقال ابن عطية هنا: وقرأ البَزِّيُّ وابنُ فُلَيح بشدِّ التَّاء وفتح اللام وشدِّ القاف ويلزم على هذه القراءة إذا ابتدأ أن يَجْلِبَ همزة الوصل، وهمزة الوصل لا تدخل على الأفعال المضارعة، كما لا تدخل على أسماء الفاعلين. قال أبو حيان كأنه يُخَيَّلُ إليه أنه لا يمكن الابتداء بالكلمة إلا باجتلاب همزة الوصل، [وهذا ليس بلازم (و) كثيراً ما يكون الوصل] مخالفاً للوقف، والوقف مخالفاً للوصل، ومن له تَمَرُّن في القراءات عرف ذلك. قال شهاب الدين: يريد قوله: {فَإِذَا هِيَ تَلَقَّفُ} فإن البَزِّيّ يشدد التاء، إذ الأصل:«تَتَلَقَّفُ» بتاءين، فأدغم، فإذا وقف على «هِيَ» وابتدأ «تَتَلَقَّفُ» فحقه أن يَفُكَّ ولا يدغم لئلا يُبْتَدأ بساكن وهو غر ممكن، وقول ابن عطية: «ويلزم على هذه القراءة ...
إلى خره «تضعيف للقراءة لما ذكره هو من أن همزة الوصل لا تدخل على الفعل المضارع، ولا يمكن الابتداء بساكن، فمن ثَمَّ ضُعِّفَتْ.