ويجوز أن يريد بالقلة: الذلة، لا قلة العدو، أي: إنهم لقلتهم لا يبالى بهم.
قال ابن عباس: كان الشرذمة الذين قللهم فرعون ستمائة ألف مقاتل لا شاب فيهم دون عشرين سنة، ولا شيخ يوفي على الستين سوى الحشم، وفرعون يقللهم لكثرة من معه. وهذا الوصف قد استعمل في الكثير عند الإضافة إلى ما هو أكثر منه، فروي أن فرعون خرج على فرس أدهم حسان وفي عسكره على لون فرسه ثمانمائة ألف.
قوله:{وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ} . يقال: غَاظَهُ وَأَغَظَهُ وَغَيَّظَهُ: غذا أغضبه. والغيظ، الغضب. والمعنى: أنهم يفعلون أفعالاً تغيظنا. واختلفوا في تلك الأفعال. فقل: أخذهم الحليّ وغيره. وقيل: خروجهم عن عبوديته. وقيل: خروجهم بغير إذنه، وقيل: مخالفتهم له في الدين.
وقيل: لأنهم لم يتخذوا فرعون إلهاً.
وأما وصفه قومه فهو قوله:{وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ} . قرأ الكوفيون وابن ذكوان:«حاذرون» بألف. والباقون:«حذرون» بدونها. فقال أبو عبيدة والزجاج: هما بمعنى واحد، يقال: رجل حذر وحاذر بمعنى.
وقيل: بل بينهما فرق، فالحذر: المتيقظ. والحاذر: الخائف. وقيل: الحذر: المخلوق مجبولاً على الحذر. والحاذر: ما عرض له ذلك.
وقيل: الحذر: المتسلح الذي له شوكة سلاح، وأنشد سيبويه في إعمال «حَذِر» على أنه مثال مبالغة محول من حاذر قوله: