للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

واعلم أن الصفة إذا كانت جارية على الفعل وهو اسم الفاعل واسم المفعول كالضارب والمضروب أفادت الحديث. وإذا لم تكن كذلك وهي المشبهة [أفادت الثبوت. فمن قرأ «حَذِرُونَ» ] ذهب إلى معنى أنا قوم من عادتنا الحذر واستعمال الحزم ومن قرأ: «حَاذِرُون» ذهب إلى معنى: إنا قوم ما عهدنا أن نحذر إلا عصرنا هذا. ومن قرأ: «حَادِرُون» بالدال المهملة، فكأنه ذهب إلى نفي أصلاً، لأن الحادر هو السمين، فأراد: إنا قوم أقوياء أشداء، أو أراد: إنا شاكون في السلاح. والغرض من هذه التقادير ألا يتوهم أهل المدائن أنه منكسر من قوم موسى، أو خائف منهم.

قوله: «فَأَخْرَجْنَاهُمْ» . أي: خلقنا في قلوبهم داعية الخروج، فاستلزمت الداعية الفعل، فكان الفعل مضافاً إلى الله تعالى لا محالة.

وقوله: {مِّن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَكُنُوزٍ} أي: أخرجناهم من بساتينهم التي فيها عيون الماء وكنوز الذهب والفضة. قال مجاهد: سماها كنوزاً، لأنه لم يعط حق الله منها، وما لم يعط الله منه فهو كنز وإن كان ظاهراً.

قوله: «وَمَقَامٍ» .

قرأ العامة بفتح الميم، وهو مكان القيام. وقتادة والأعرج بضمها وهو مكان الإقامة. والمراد ب «الكَرِيم» : الحسن.

قال المفسرون: هي مجالس الأمراء والرؤساء التي كانت تحفها الأتباع.

وقيل: المواضع التي كانوا [يتنعمون فيها] .

قوله: «كَذَلِكَ» . فيه ثلاثة أوجه: قال الزمخشري: يحتمل ثلاثة أوجه: النصب على أخرجناهم مثل ذلك الإخراج الذي وصفناه والجر على أنه وصف ل «مَقَام» أي: ومقام كريم مثل ذلك المقام الذي كان لهم، والرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أي: الأمر كذلك. قال أبو حيان: فالوجه الأول لا يسوغ، لأنه يؤول إلى تشبيه الشيء بنفسه، وكذلك الوجه الثاني؛ لأن المقام الذي كان لهم هو المقام الكريم، فلا

<<  <  ج: ص:  >  >>