وهي في أنفسها مختلفة منها خيرة، ومنها شريرة، فالخيرة هم مؤمنو الجن، والشريرة هم كفار الجن وشياطينهم.
النوع الرابع: التخيُّلات والأخذ بالعيون، وذلك أن أغلاط البَصَرِ كثيرة، فإن راكب السَّفينة ينظر السفينة واقفة والشَّط متحركاً، وذلك يدلّ على أن السَّاكن متحرك والمتحرك يُرَى ساكناً، والقطرة النازلة ترى خطّاً مستقيماً، والذّبالة التى تدار بسرعة ترى دائرة، والعنبة ترى فى الماء كبيرة كالأجَّاصة، والشخص الصغير يرى فى الضَّباب عظيماً.
النوع الخامس: الأعمال العجيبة التى تظهر من تركيب الآلات على النُّصُب الهندسية مثل صورة فارس على فرس يده بُوق، فإذا مضت ساعة من النهار صوت بالبوق من غير أن يسمه أحد، ومثل تصاوير الروم على اختلاف أحوال الصور من كونها ضاحكة وباكية، حتى ييفرق فيها بين ضحك السرور، وضحك الخَجلِ، وضحك الشَّامت، وكان سحر سحرة فرعون من هذا الضرب، ومن هذا الباب تركيب صندوق السَّاعات، ويندرج فى هذا الباب علم جَرَّ الأثقال وهو أن يجر ثقلاً عظيماً بآلة خفيفة سهلة، وهذا فى الحقيقة لا ينبغي أن يعد من باب السحر؛ لأن لها أسباباً معلومة يقينية من اطّلع عليها قدر عليها.
النوع السادس: الاستعانة بخواصّ الأدوية المبلّدة المزيلة للعقل والدّخن المسكرة.
النوع السابع: تعليق القلب وهو أن يدعي السَّاحر أنه يعرف الاسم الأعظم، وأن الجن تطيعه، وينقادون له، فإذا كان السامع ضعيف العَقْل قليل التمييز اعتقد أنه حق، وتعلّق قلبه بذلك، وحصل فى نفسه نوع من الرُّعب والخوف، فحينئذ يُمكّن الساحر من أن يفعل به حينئذ ما شاء.
فصل فى مذهب الشافعي فى السحر
حكي عن الشافعي رَضِيَ اللهُ عَنْه أنه قال: الساحر يخيل ويمرض ويقتل وأوجب القصاص على من يقتل به فهو من عمل الشيطان يتلقَّاه الساحر منه بتعليمه إيَّاه، فإذا تلقاه منه استعمله فى غيره.
وقيل: إنه يؤثر فى قَلْبِ الأعيان، والأصح أن ذلك تخييل.
قال: تعالى: {يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تسعى}[طه: ٦٦] ، لكنه يؤثر فى الأبدان بالأمراض والمت والجنون، وللكلام تأثير فى الطِّباع والنفوس، كما إذا سمع الإنسان ما يكره فيحمرّ [وربما يحمّ منه} ويغضب وقد مات قوم بكلام سمعوه فهو بمنزلة العلَل التي تؤثر فى الأبدان.