تحدث له صفات كمال لم تكن، أو يزول عنه نقصان كان، وإذا كان كذلك لم يكن فعوه إلا رعاية لجانب المعفو عنه.
فقوله:«يَغْفِر لِي» معناه: أن غفرانه لي ولأجلي، لا لأجل أمر عائد إليه ألبتة.
وثانيها: كأنه قال: خلقتني لا لي، فإنك حين خلقتني لم أكن موجوداً، فإذا عفوت كان ذلك العفو لأجلي، فلما خلقتني أولاً مع أني ما كنت محتاجاً إلى ذلك الخلق، فلأن تغفر لي وتعفو عني حال ما أكون في أشد الحاجة إلى العفو والمغفرة كان أولى.
وثالثها: أن إبراهيم - عليه السلام - كان مع شدة استغراقه في المعرفة شديد الفرار عن الوسائط، ولذلك لما قال له جبريل:«ألك حاجة؟» قال: «أما إليك فلا» فهاهنا قال: {أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي} أي: بمجرد عبوديتي واحتياجي إليك تغفر لي خطيئتي، لا أن تغفرها بواسطة شفاعة شافع، فإن قيل: لم علق غفران الخطيئة بيوم الدين وإنما تغفر في الدنيا؟
فالجواب: لأن أثرها يظهر يوم الدين، وهو الآن خفي لا يعلم.