للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

قوله: {إِنْ حِسَابُهُمْ إِلَاّ على رَبِّي} «إِنْ» نافية، أي: ما حسابهم إلا على ربي، ومعناه: لا نعتبر إلا الظاهر من أمرهم دون ما يخفى.

قوله: «لَوْ تَشْعُرُوْن» جوابها محذوف، ومفعول «تشعرون» أيضاً، والمعنى «لَوْ تَشْعُرُونَ» تعلمون ذلك ما عبتموهم بصنائعهم.

قال الزجاج: الصناعات لا تَضُرُّ في الدِّيَانَاتِ. وقيل: معناه: إني لم أعلم أن الله يهديهم ويضلكم، ويوفقهم ويخذلكم.

وقرأ الأعرج وأبو زُرعة: «لَوْ يَشْعُرُونَ» بياء الغيبة، هو التفات، ولا يحسُنُ عَوْدُه على المؤمنين.

قوله: {وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ المؤمنين} وذلك كالدلالة على أن القوم سألوه إبعادهم فبيّن أن الدين يمنعه عن طردهم، وقد آمنوا به، وبيَّن أن الغرض من تحمل الرسالة كونه نذيراً: فقال: {إِنْ أَنَا إِلَاّ نَذِيرٌ مُّبِينٌ} أي: إني أُخَوِّف من كذبني ولم يقبل مني، فمن قبل فهو القريب، ومن رد فهو البعيد، فلما أجابهم بهذا الجواب لم يكن منهم إلا التهديد فقالوا: {لَئِنْ لَّمْ تَنْتَهِ يانوح لَتَكُونَنَّ مِنَ المجرمين} .

قال مقاتل والكلبي: من المقتولين بالحجارة.

وقال الضحاك: من الشمئومين. فعند ذلك حصل اليأس لنوح من فلاحهم، وقال: {قَالَ رَبِّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِ} . وليس الغرض منه إخبار الله تعالى بالتكذيب لعلمه بأنه عالم الغيب والشهادة، ولكنه أراد: لا أدعوك عليهم لما آذوني، وإنما أدعوك لأجلك ولأجل دينك ولأنهم كذبوك في وحيك ورسالتك: {فافتح بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَتْحاً} أي: فاحكم بيني وبينهم.

و «فَتْحاً» يجوز أن يكون مفعولاً به بمعنى المفتوح، وان يكون مصدراً مؤكداً. والفَتَاحَةُ: الحكومة. والفَتَّاح: الحكم، لأنه يفتح المستغلق. والمراد إنزال العقوبة عليهم لقوله عقيبه: «وَنَجِّنِي» ، ولولا أن المراد إنزال العقوبة لما كان لذكر النجاة بعده معنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>