وقرأ الحسن وابن مقسم:«الأَعْجَمِيِّينَ» بياء النسب - وهي مؤيدة لتخفيفه منه في قراءة العامة.
فصل
قوله «وَلَوْ نَزَّلْنَاهُ» يعني: القرآن على رجل ليس بعربي اللسان «فَقَرَأَهُ عَلَيْهِمْ» بغير لغة العرب {مَّا كَانُوا بِهِ مُؤْمِنِينَ} وقالوا ما نفقه قولك، وجعلوه عذراً لجحودهم، ونظيره:{وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآناً أعْجَمِيّاً لَّقَالُواْ لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ}[فصلت: ٤٤] .
وقيل: معنا: ولو أنزلناه على رجل ليس من العرب لما آمنوا به أنفة من اتباعه.
قوله:«كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ» أي: قيل ذلك، أو الأمر كذلك. والضمير في «سَلَكْنَاهُ» عائد على القرآن، وهو الظاهر، أي: سلكناه في قلوب المجرمين (كما سلكناه في قلوب المؤمنين) ، ومع ذلك لم ينجع فيهم. وقال ابن عباس والحسن ومجاهد: أدخلنا الشرك والتكذيب في قلوب المجرمين.
وهذه الآية تدل على أنّ الكل بقضاء الله وخلقه. قال الزمخشري: إراد به أنه صار ذلك التكذيب متمكناً في قلوبهم أشدّ التمكن، فصار ذلك كالشيء الجبلِّي.
والجواب: أنه إما أن يكون قد فعل الله تعالى فيهم ما يقتضي الترجيح أم لا، فإن كان الأول فقد دللنا في سورة الأنعام على أنَّ الترجيح لا يتحقق ما لم يثب إلى حد الوجوب، وحينئذ يحصل المقصود، وإن لم يفعل فيهم ما يقتضي الترجيح البتة امتنع قوله:«كَذَلِكَ سَلَكْنَاهُ» .