والاستقرار، وجاء بخبر المبتدأ في هذه الجملة فعلاً مضارعاً، دلالة على أن ذلك متجدد كل وقت، غير منقطع. ويحتمل أن تكون مستأنفة غير داخلة في حيز الموصول. قال الزمخشري: ويحتمل أن تتم الصلة عنده، أي: عند قوله: «وَهُمْ» ، قال: وتكون الجملة اعتراضية.
يريد أن الصلة تمت عند الزكاة، فيجوز فيه ذلك، وإلا فكيف يصح - إذا أخذنا بظاهر كلامه - أن الصلة تمت عند قوله:«وَهُمْ» وتسمية هذا اعتراضاً: يعني من حيث المعنى وسياق الكلام، وإلا فالاعتراض في الاصطلاح: إنما يكون بين متلازمين من مبتدأ أو خبر، وشرط وجزاء، وقسم وجوابه، وتابع ومتبوع، وصلة وموصول، وليس هنا شيء من ذلك.
فإن قيل: إن المؤمنين الذي يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة لا بد وأن يكونوا متيقنين بالآخرة، فما وجه ذكره مرة أخرى؟
فالجواب من وجهين:
الأول: أن الذي يستفاد منه طرق للنجاة هو معرفة المبدأ، ومعفرة المعاد، والعمل الصالح، وأشرفه الطاعة بالنفس والطاعة بالمال، فقوله:«لِلْمُؤْمِنِينَ» ، أي الذين يُؤْمِنُونَ بالغَيْبِ وهو إشارة إلى معرفة المبدأ، وقوله:( {الذين يُقِيمُونَ الصلاة وَيُؤْتُونَ الزكاة} ، إشارة إلى الطاعة بالنفس والمال، وقوله: {وَهُم) بالآخرة هُمْ يُوقِنُونَ} إشارة إلى علم المعاد، فكأنه تعالى جعل معرفة المبدأ طرفاً أولاً، ومعرفة المعاد طرفاً أخيراً، وجعل الطاعة بالنفس والمال متوسطاً بينهما.
الثاثني: أن المؤمنين الذي يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة منهم من هو جازم بالحشر والنشر، ومنهم من يكون شاكاً فيه، إلا أنه يأتي بهذه الطاعة احتياطاً، فيقول: إن كنت مصيباً فيها فقد فزت بالسعادة، وإن كنت مخطئاً فيها لم يفتني إلا خيرات قليلة في بالقرآن، (وما من كان جازماً بالآخرة كان مهدياً به) . فلهذا ذكر هذا القيد.