فالجواب: عدة لأهله أنه يأتيهم به، وإن أبطأ، أو كانت المسافة بعيدة، وأدخل «أو» بين الأمرين المقصودين، يعني الرجاء على أنه إن لم يظفر بهذين المقصودين، ظفر بأحدهما، إما هداية الطريق، وإما اقتباس النار، ثقة منه بعادة الله تعالى لأنه لا يكاد يجمع بين حرمانين على عبده. «لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ» تستدفئون من البرد.
قوله:«نُودِي» في القائم مقام الفاعل ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه ضمير موسى، وهو الظاهر، وفي «أن» حينئذ ثلاثة أوجه:
أحدها: أنها المفسرة، لتقدم ماهو بمعنى القول.
والثاني: أنها الناصبة للمضارع، ولكن وصلت هنا بالماضي، وتقدم تحقيق ذلك، وذلك على إسقاط الخافض، أي: نودي موسى بأن بورك.
الثالث: إنها المخففة، واسمها ضمير الشأن، و «بورك» خبرها، ولم يحتج هنا إلى فاصل، لأنه دعاء، وقد تقدم نحوه في النور، في قوله:{أَنَّ غَضَبَ}[النور: ٩]- في قراءته فعلاً ماضياً - قال الزمخشري: فإن قلت: هل يجوز أن تكون المخففة من الثقيلة، اولتقدير: بأنه بورك، والشمير ضمير الشأن والقصة؟
قلت: لا؛ لأنَّه لا بدَّ من (قَدْ) ، فإن قلت: فعلى إضمارها؟
قلت: لا يصحّن لأنها علامة، والعلامة لا تحذف انتهى.
فمنع أن تكون مخففة لما ذكر، وهذا بناء منه على أنَّ «بُورِكَ» خبر لا دعاء، أما إذا قلنا إنه دعاءكما تقدم في النور فلا حاجة إلى (الفاصل كما تقدم، وقد تقدم فيه استشكال، وهو الطلب أن لا يقع خبراً في هذا الباب، فكيف وقع هذا خبراً ل (أن) المخففة، وهو دعاء.
الثاني من الأوجة الأول: انَّ القائم مقام) الفاعل نفس «أَنْ بُورِكَ» على حذف حرف الجرّ، أي: بأن بورك، ف (أَنْ) حينئذ إمّا ناصبة في الأصل، وإمّا مخففة.