والريح {إِنَّ هذا لَهُوَ الفضل المبين} ، والمراد بقوله:{وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ} كثرة ما أوتي، لأن كثرة المشاركة سبب لجواز الاستعارة، فلا جرم يطلق لفظ الكلم على الكثرة، كقوله {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ}[النمل: ٢٣] وقوله: {إِنَّ هذا لَهُوَ الفضل المبين} ، أي: الزيادة الظاهرة على ما أعطي غيرنا، روي أن سليمان أعطي ملك مشارق الأرض ومغاربها، فملك سبعمائة (سنة) وستة أشهر، ملك جميع أهل الدنيا من الجن والإنس والدواب والطير والسباع، وأعطي على ذلك منطق كل شيء، وفي زمانه صنعت الصنائع العجيبة.
فقوله:{إِنَّ هذا لَهُوَ الفضل المبين} تقرير لقوله: {الحمد لِلَّهِ الذي فَضَّلَنَا} والمقصود منه: الشكر والمحمدة، كما قال عليه السلام:«أَنَّا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ ولا فَخْرَ»
فإن قيل: كيف قال «عُلِّمنا» و «أُوتِينَا» ، وهو كلام المتكبر؟ فالجواب من وجهين، الأول: أن يريد نفسه وأباه.
والثاني: أن هذه النون يقال لها نون الواحد المطاع، وكان ملكاً مطاعاً.
قوله:«وَحُشرَ لسُلَيْمَانَ» : وجمع لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير في مسير له، فقوله:«مِن الجَنّ» وما بعده بيان ل «جنوده» فيتعلق بمحذوف، ويجوز أن يكون هذا الجار حالاً، فيتعلق بمحذوف أيضاً.
قوله:«فهم يُوزَعُون» أي: يمنعنون ويكفُّون، والوزع: الكف والحبس، يقال: وزعه يزعه فهو وازع وموزوع، وقال عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْه -: «مَا يَزَعُ السُّلْطَانُ أَكْثَرُ مِمَّا يَزَعُ القُرْآنُ» ، وعنه:«لَا بُدَّ لِلقَاضِي مِنْ وَزَعَةٍ» وقال الشاعر: