والثاني: أنه في موضع الحال، فهو في المعنى كالذي قبله.
الثالث: أنه اسم فاعل كفرح، وذلك لأن فعله على فَعِل بكسر العين، وهو لازم، فهو كفرح وبطِر. قوله:«أن أشكر» مفعول ثان ل «أوزعني» ، لأن معناه: ألهمني، وقيل معناه: اجعلني أزع شكر نعمتك، أي: أكفه وأمنعه حتى لا ينفلت مني، فلا أزال شاكراً، وتفسير الزجاج له بامنعني أن أكفر نعمتك من باب تفسير المعنى باللازم.
فصل
قال الزجاج أكثر ضحك الأنبياء التبسم، وقوله:«ضاحكاً» أي: مبتسماً، وقيل: كان أوله التبسم وآخره الضحك، قال مقاتل: كان ضحك سليمان من قول النملة تعجباً، لأن الإنسان إذا رأى ما لا عهد له به تعجب وضحك، وإنما ضحك لأمرين:
أحدهما: إعجابه بما دل من قولها على ظهور رحمته ورحمة جنوده وعلى شهرة حاله وحالهم في التقوى، وهو قولها:«وهم لا يشعرون» .
والثاني: سروره بما آتاه الله ما له يؤت أحداً، من سمعه كلام النملة وإحاطته بمعناه. ثم حمد سليمان ربه على ما أنعم عليه، فقال:{رَبِّ أوزعني} ألهمني. {أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ التي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وعلى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصالحين}
وهذا يدل على أن دخول الجنة ببرحمته وفضله، لا باستحقاق العبد، والمعنى: أدخلني في جملتهم، وأثبت امسي في أسمائهم واحشرني في زمرتهم، قال ابن عباس: يريد مع إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومن بعدهم من النبيين. فإن قيل: درجات الأنبياء أفضل من درجات الأولياء والصالحين، فما السبب في أن الأنبياء يطلبون جعلهم من الصالحين، فقال يوسف:{تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بالصالحين}[يوسف: ١٠١] ، وقال سليمان:{وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصالحين} ؟ .
فالجواب: الصالح الكامل هو الذي لا يعصي الله ولا يهم بمعصية، وهذه درجة عالية.