وفي قوله:{مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ} فيه من البديع التجانس، وهو: تجنيس التصريف، وهو عبارة عن انفراد كل كلمة من الكلمتين عن الأخرى بحرف كهذه الآية، ومثله:{تَفْرَحُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الحق وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ}[غافر: ٧٥] .
وفي الحديث:«الخَيْلُ مَعْقُود بِنَواصِيهَا الخَيْرُ» ، وقال آخر:
وقال الزمخشري: وقوله {مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ} من جنس الكلام الذي سماه المحدثون البديع، وهو من محاسن الكلام الذي يتعلق باللفظ بشرط أن يجيء مطبوعاً، أو يصنعه عالم بجوهر هذا الكلام، يحفظ معه صحة المعنى وسداده، ولقد جاء هنا زائداً على الصحة، فحسن وبدع لفظاً ومعنى، ألا ترى أنه لو وضع مكان:«بنبأ» : «بخبر» لكان المعنى صحيحاً، وهو كما جاء أصح لما في النبأ من الزيادة التي يطابقها وصف الحال.
يريد بالزيادة: أن النبأ أخص من الخبر، لأأنه لا يقال إلا فيما له شأن من الأخبار، بخلاف الخبر، فإنه يطلق على ما له شأن، وعلى ما لا شأن له، فكلّ نبأ خبر من غير عكس. وبعضهم يعبر عن نحو:{مِن سَبَإٍ بِنَبَإٍ} في علم البديع بالترديد، قاله صاحب التحرير، وقال غيره: إن الترديد عبارة عن رد أعجاز البيوت على صدورها، أو ردّ كلمة من النصف الأول إلى النصف الثاني، فمثال الأول قوله: