غيب السموات والأرض، وقرأ أبيّ وعيسى» الخَبَ «بنقل حركة الهمزة إلى الباء وحذف الهمزة فيصير نحو: رأيت لَبَ، وقرأ عبد الله وعكرمة ومالك بن دينار» الخَبَا «بألفٍ صريحةٍ، وجهها أنه أبدل الهمزة ألفاً فلزم تحريك الباء، وذلك على لغة مَنْ يقف من العرب بإبدال الهمزة حرفاً يجانس حركتها، فيقول: هذا الخَبُو، ورأيت الخبا، ومررت بالخبي، ثم أُجْرِي الوَصْلُ مَجْرَى الوقْفِ، وقيل: إنه لمَّا نَقَلَ حركة الهمزة إلى الساكن قبلها لم يحذفها بل تركها، فَسَكَنَتْ بعد فتحةٍ فَدُبِرَتْ بحركة ما قبلها وهي لغة ثابتة، يقولون: المرأة والكماة بألف مكان الهمزة بهذه الطريقة، وقد طعن أبو حاتم على هذه القراءة وقال: لا يجوز في العربية، لأَنَّه إن حذف الهمزة أَلْقَى حركتها على الباء، فقال الخَبَ، وإن حوَّلَها قال الخَبْي، بسكون الباء وياء بعدها.
قال المبرد: كان أبو حاتم دون أصحابه في النحو، لم يَلْحَقْ بهم إلَاّ أنه إذا خرج من بلدهم لم يلق أَعْلَم منه.
قوله: «في السَّماوَاتِ» فيه وجهان:
أحدهما: أنه متعلق ب «الخَبْءَ» ، أي؛ المَخْبُوءُ في السموات.
والثاني: أنه متعلق ب «يُخْرِجُ» على أنَّ معنى (في) بمعنى (مِنْ) ، أي: يخرجه من السموات، و «مِنْ» و «فِي» يتعاقبان، يقول العرب: لأستخرجن العلم فيكم، أي منكم - قاله الفراء -، وقرأ عبد الله:{يُخْرِجُ الخَبْءَ مِنَ السَّماواتِ} .
قوله:«مَا تُخْفُونَ» قرأ الكسائي وحفص بالتاء من فوق فيهما، والباقون بالياء