قال:{فَإِنَّ الله يَأْتِي بالشمس مِنَ المشرق}[البقرة: ٢٥٨] ، وموسى - عليه السلام - قال {قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ الأولين}[الشعراء: ٢٦] ، ثم قال:{رَبُّ المشرق والمغرب}[الشعراء: ٢٨] وههنا قدم خبأ السموات على خبء الأرض، فجوابه، أَن إبراهيم وموسى ناظرا من ادعى إلهية البشر، فابتدءا بإبطال إلهية البشر، ثم انتقلا إلى إلهية السماء، وههنا الكلام مع من ادعى إلهية الشمس، قوله {وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ الله}[النمل: ٢٤] فلا جرم ابتدأ بذكر السماويات، ثم بالأرضيات.
قوله:{أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ} الجملة الاستفهامية في محل نصب ب «نَنْظُرُ» ، لأنَّها مُعلّقة لها، و «أَمْ» هنا متصلة، وقوله:{أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الكاذبين} أبلغ من قوله: «أَمْ كَذَبْتَ» - وإن كان هو الأصل - لأنّ المعنى من الذين اتصفوا وانخرطوا في سلك الكاذبين. وقوله:«سَنَنْظُرُ» من النظر الذي هو التأمل. قوله:«هذَا» يجوز أن يكون صفة ل «كِتَابِي» أو بدلاً منه أو بياناً له.
قال المفسرون: إن سليمان - عليه السلام - كتب كتاباً فيه:«من عند سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ، بسم الله الرحمن الرحيم، السَّلامُ على من اتَّبع الهُدَى، أما بعد، أَلَاّ تَعْلُوا عليَّ وَأْتُوني مُسلمين» . قال ابن جريرج: لم يزد سليمان على ما قصّة الله في كتابه، ثم ختمه بخاتمه، ثم قال للهدهد:«اذْهَبْ بِكَتَابِي هذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ» .
قوله:«فَأَلْقِهِ» ، قرأ أبو عمرو وحمزة وأبو بكر بإسكان الهاء، وقالون بكسرها فقط من غير صلة بلا خلاف عنه، وهشام عنه وجهان: القصر والصلة، والباقون بالصلة بلا خلاف، وتقدم توجيه ذلك في «آل عمران» و «النساء» وغيرهما، عند
{يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ}[آل عمران: ٧٥] و {نُوَلِّهِ مَا تولى}[النساء: ١١٥] . وقرأ مسلم بن جندب بضم الهاء موصولة بواو «فَأَلْقِهُو إِلَيْهِمْ» ، وقد تقدمخ ان الضم الأصل، وقال «إليهم» - على لفظ