من سليمان وتصديره باسم الله. وقال مكي: وأجاز الفراء الفتح فيهما في الكلام، كأنه لم يطلع على أنها قراءة وقرأ أُبيّ: أنْ من سليمان وأنْ بسم الله بسكون النون فيهما، وفيها وجهان:
أظهرهما: أنها «أن» المفسرة، لتقدم ما هو بمعنى القول.
والثاني: أنها المخففة واسمها محذوف، وهذا لا يتمشى على أصول البصريين؛ لأن اسمها لا يكون إلا ضمير شأن وضمير الشأن لا يفسر إلا بجملة مصرح بجزئيها.
فصل
قال المفسرون: أخذ الهدهد هذا الكتاب، وأتى به إلى بلقيس، وكان بأرض يقال لها:«مأرب» من صنعاء، فرمى بالكتاب إليها، فأخذته بلقيس، وكانت قارئة، ومن ثم اتخذ الناس البطائق، فلما رأت الخاتم أرعدت وخضعت، لأن ملك سليمان كان في خاتمه، وعرفت أن الذي أرسل الكتاب أعظم ملكاً منها، لطاعة الطير وهيبة الخاتم، فقرأت الكتاب وتأخر الهدهد غير بعيد، فقعدت على سرير ملكها، وجمعت الملأ من قومها، وقالت لهم:{إني أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ}[النمل: ٢٩] قال عطاء والضحاك: سمته كريماً، لأنه كان مختوماً.
وروى ابن عباس عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: «كرمه ختمه» وقال مقاتل والزجاج: كريم أي: حسن ما فيه، وروي عن ابن عباس أي: شريف لشرف صاحبه.
وقيل سمته كريماً، لأنه مصدر ب «بسم الله الرحمن الرحيم» ، ثم بينت ممن الكتاب، فقالت:{إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ} ، وبينت المكتوب فقالت:{وَإِنَّهُ بِسْمِ الله الرحمن الرحيم} . فإن قيل: لم قد سليمان اسمه على قوله: {بِسْمِ الله الرحمن الرحيم} ؟