الاكتراث بذلك المال. قوله:«بَلْ أَنْتُم» إضراب انتقال، قال الزمخشري: فإن قلت: فما وجه الإضراب؟ قلت: لما أنكر عليهم الإمداد، وعلل إنكاره، أضرب عن ذلك إلى بيان السبب الذي حملهم عليه، وهو أنهم لا يعرفوهم سبب رضى إلا مما يهدى إليهم من حظوظ الدنيا التي لا يعرفون غيرها، والهدية: يجوز إضافتها إلى المهدي وإلى المهدى إليه، وهي هنا محتملة للأمرين. قال أبو حيان: وهي هنا مضافة للمهدى إليه، وهذا هو الظاهر، ويجوز أن تكون مضافة إلى المهدي، أي: بل أنتم بهديتكم هذه التي أهديتموها تفرحون فرح افتخار.
قال شهاب الدين: كيف يجعل الأول هو الظاهر، ولم ينقل أن سليمان - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أرسل إليهم هدية في هذه الحالة، حتى يضيفها إليهم، بل الذي يتعين إضافتها إلى المهدي. ومعنى الآية:{بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} ، لأنكم أهل مفاخرة بالدنيا ومكاثرة بها تفرحون بإهداء بعضكم لبعض، وأما أنا فلا أفرح بها وليست الدنيا من حاجتي، لأن الله تعالى قد مكنني فيها وأعطاني منها ما لم يعط أحداً، ومع ذلك أكرمني بالدين والنبوة. قوله:«ارْجِعْ» الظاهر أن الضمير يعود على الرسول، وتقدمت قراءة عبد الله:«ارجعوا» ، وقيل: يعود على الهدهد. «فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ» وهذا جواب قسم مقدر، وكذلك قوله:«ولَنُخْرَجَنَّهُم» . قوله:«لَا قِبَلَ» صفة ل «جُنُود» ، أي: فيجري مجرى المؤنثة الواحدة كقولهم: الرِّجَالُ وأعضَادَها. وقرأ عبد الله «بهم» على الأصل. «ولَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا» أي من بلادهم وأرض سبأ «أَذِلَّةً» حال، والذل: أن يذهب عنهم ما كان عندهم من العز والملك. وقله:«وَهُمْ صَاغِرُون» حال ثانية، والظاهر أنها مؤكدة، لأن «أَذِلَّةً» تغني عنها. فإن قيل: قوله «فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ» ، و «لَنُخْرِجَنَّهُمْ» قسم، فلا بد أن يقع