أيضاً، لكنا نقول: إن سليمان كان أعرف بالكتاب منه، لأنه هو النبي، فكان صرف اللفظ إلى سليمان أولى.
الثاني: أن غحضار العرش في تلك الساعة اللطيفة درجة عالية، فلو حصلت لآصف دون سليمان، لاقتضى ذلك قصور حال سلميان في أعين الخلق.
الثالث: أن سليمان قال {هذا مِن فَضْلِ رَبِّي ليبلونيا أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} فظاهره يقتضي أن يكون ذلك المعجز قد أظهره الله تعالى بدعاء سليمان.
فصل
واختلفوا في الكتاب، فقيل: هو اللوح المحفوظ، والذي عنده علم الكتاب جبريل - عليه السلام - وقيل: كتاب سليمان، أو كتاب بعض الأنبياء، وفي الجملة فإنّ ذلك مدح، وإن لهذا الوصف تأثيراً في نقل ذلك العرش، ولذلك قيل: إنَّه اسم الله الأعظم، وإن عنده وقعت الإجابة من الله تعالى في أسرع الأوقات.
قوله:{قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ} فيه وجهان:
أحدهما: أنه الجفن عُبِّر به عن سرعة الأمر كما تقول لصاحبك: افعل ذلك في لحظة، وهذا قول مجاهد، وقال الزمشخري: وهو تحريكك أجفانك إذا نظرت، فوضع موضع النظر.
الثاني: أنه بمعنى المطروف، أي: الشيء الذي تَنْظُره، والأول هو الظاهر، لأن الطرف قد وصف بالإرسال في قوله: