لوازمه، أو لأنه يشبهه في كونه مكروهاً، وأمّا وصف الرحمة بأنّها حسنة، فقيل: حقيقة، وقيل: مجاز. ثم إن صالحاً عليه السلام لما قرّر هذا الكلام الحقّ أجابوه بكلام فاسد، فقالوا «اطّيَّرنَا بِكَ» أي: تشاءمنا بك، لأنّ الذي يصيبنا من شدة وقحط شؤمك وشؤم من معك. وقرىء:«تطيّرنّا بِكَ» ، وهو الأصل، وأدغم، وتقدّم تقريره، قال الزمخشري: كان الرجل يخرج مسافراً فيمرُّ بطائر فيزجره، فإن مرّ سانحاً تيمّن، وإن مرَّ بارحاً تشاءم، فلمّا نسبوا الخير والشر إلى الطائر استعير لما كان للخير والشر، وهو قدر الله وقسمته، فأجاب صالح - عليه السلام - بقوله: طائركم عند الله، أي السبب الذي يجيء منه خيركم وشركم عند الله، وهو قضاؤه وقدره وهو مكتوب عليكم. سمي طائراً لسرعة نزوله بالإنسان، لأنّه لا شيء أسرع من قضاء محتوم. قال ابن عباس: الشؤم أتاكم من عند الله بكفركم. وقيل طائركم: عملكم عند الله، سمى طائراً لسرعة صعوده إلى السماء، وقيل: إنما قالوا ذلك لتفرق كلمتهم، وقيل: لأنه أمسك عنهم المطر في ذلك الوقت وقطحوا.
قوله:«تُفْتَنُونَ» داء بالخطاب مراعاةً لتقدّم الضمير، ولو روعي ما بعده لقيل «يُفْتَنُونَ» بياء الغيبة، وهو جائز ولكنه مرجوح، ويقول: أنت رجل يفعل وتفعل بالباء والياء، ونحن قوم نقرأ ويقرأون.
والمراد من هذا الكلام أن صالحاً - عليه السلام - بين بهذا الكلام جهلهم بقوله:{بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ} ، فيحتمل أن غيرهم دعاءهم إلى هذا القول، ويحتمل أن المراد أن الشيطان يفتنكم بوسوسته.
وقال ابن عباس: يُخْتَبرون بالخير والشر كقوله: {وَنَبْلُوكُم بالشر والخير فِتْنَةً}[الأنبياء: ٣٥] ، وقال محمد بن كعب: يعذبون.