المعنى إلى قولك: إن كان الله ممن في السموات والأرض، فهم يعلمون الغيب يعني أن علمهم الغيب - في استحالته - كاستحالة أن يكون الله منهم، كما أن معنى «ما في البيت» إن كانت اليعافير أنيساً ففيها أنيس بتّاً للقول بخلوها من الأنيس. فإن قلت: هلا زعمت أن الله ممن في السموات والأرض، كما يقول المتكلمون:«إن الله في كل مكان» على معنى: أن علمه في الأماكن كلها، فكأن ذاته فيها حتى لا يحمل على مذهب بني تميم؟ قلت: يأبي ذلك أن كونه في السموات والأرض مجاز، وكونهم فيهن حقيقة، وإرادة المتكلم بعبارة واحدة حقيقة ومجازاً غير صحيح، على أن قولك: من في السموات والأرض، وجمعك بينه وبينهم في إطلاق اسم واحد فيه إيهام وتسوية، والإيهامات مزالة عنه وعن صفاته، ألا ترى كيف قال عليه السلام لمن قال: ومن يعصهما فقد غوى: «بئْسَ خَطِيبُ القَوْمِ أنْت» .
فقد رجح الانقطاع، واعتذر في ارتكاب مذهب التميميين بما ذكر، وأكثر العلماء أنه لا يجمع بين الحقيقة والمجاز في كلمة واحدة، وقد قال به الشافعي.
فصل
نزلت هذه الآية في المشركين، حيث سألوا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عن وقت قيام الساعة. و «مَا يَشْعُرُون» صفة لأهل السموات والأرض نفى أن يكون لهم علم بالغيب، وذكر في جملة الغيب: متى البعث؛ بقوله:«أيَّانَ يُبْعَثُونَ» ، و «أَيَّانَ» بمعنى متى، وهي كلمة مركبة من: أي والآن، وهو الوقت. وقرىء:«إيّان» بكسر