للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

نعم، و «بَلَى آأدْرَكَ» بألف بين همزتين، وقرأ أبي ومجاهد «أن» بدل ( «بَلْ» ) وهي مخالفة للسواد.

قوله: «فِي الآخِرَةِ» فيه وجهان:

أحدهما: أن «فِي» على بابها و «أَدْرَكَ» وإن كان ماضياً لفظاً فهو مستقبل معنى، لأنه كائن قطعاً، كقوله: {أتى أَمْرُ الله} [النحل: ١] ، وعلى هذا ف «فِي» متعلق ب «أدْرَكَ» .

والثاني: أنّ «فِي» بمعنى الباء، أي: بالآخرة، وعلى هذا فيتعلق بنفس علمهم، كقولك: على يزيد كذا. وأمّا قراءة من قرأ «بَلَى» ، فقال الزمخشري: لمّا جاء ببلى بعد قوله: «وَمَا يَشْعُرُونَ» كان معناه: بلى يشعرون، ثم فسر الشعور بقوله: {ادارك عِلْمُهُمْ فِي الآخرة} على سبيل التهكم الذي معناه المبالغة في نفي العلم، ثم قال: وأمّا قراءة: «بَلَى أأَدْرَكَ» على الاستفهام فمعناه: بَلَى يشعرون متى يبعثون، ثم أنكر علمهم بكونها، وإذا أنكر علمهم بكونها لم يتحصّل لهم شعور بوقت كونها، لأن العلم بوقت الكائن تابع للعلم بكون الكائن، ثم قال: فإن قلت ما معنى هذه الإضرابات الثلاثة؟ قلت: ما هي إلا تنزيل لأحوالهم، وصفهم أولاً بأنهم لا يشعرون وقت البعث، ثم بأنّهم لا يعلمون أن القيامة كائنة، ثم بأنهم يخبطون في شك ومرية انتهى.

فإن قيل: (عَمِيَ) يتعدى ب (عَنْ) تقول: عَمِي فلان عن كذا، فلم عدي ب (مِنْ) قوله «مِنْهَا عَمُونَ» ؟ فالجواب: أنّه جعل الآخرة مبدأ عَمَاهُم ومنشأه.

فصل

المعنى على قراءة ابن كثير: «أَدْرَكَ» أي بلغ ولحق، كما تقول: أدركه علمي، إذَا لحقه وبلغه يريد: ما جهلوا في الدنيا وسقط علمه عنهم علموه في الآخرة. قال مجاهد: يدريك علمهم في الآخرة ويعلمونها إذا عاينوها، حين لا ينفعهم علمهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>