طالب القارىء «عَلَى حِينَ» بفتح النون، وتكلَّفَ أبو حيان تخريجها على أنه حمل المصدر على الفعل في أنه إذا أضيف الظرف إليه جاز بناؤه على الفتح، كقوله:
٣٩٧٧ - عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ المَشِيبَ عَلَى الصِّبَا ... و «مِنْ أَهْلِهَا» صفة ل «غَفْلَةٍ» ، أي: صادرة من أهلها.
فصل
اختلفوا في السبب الذي لأجله دخل موسى المدينة على حين غفلة من أهلها، فقال السُّدِّي: إن موسى كان يسمى ابن فرعون، فكان يركب في مراكب فرعون، ويلبس مثل ملابسه، فركب فرعون يوماً وليس عنده موسى، فلما جاء موسى قيل له: إن فرعون قد ركب، فركب في أثره، فأدركه المقيل بأرض منف، فدخلها نصف النهار وليس في طرقها أحدن فذلك {على حِينِ غَفْلَةٍ مِّنْ أَهْلِهَا} . وقال ابن إسحاق: كان لموسى شيعة من بني إسرائيل يسمعون منه ويقتدون به، فلما عرف ما هو عليه من الحق فارق فرعون وقومه وخالفهم في دينهم حتى ذكر ذلك منه، وأخافوه وخافهم، فكان لا يدخل قرية إلا خائفاً مستخفياً.
وقال ابن زيد: إِنَّ موسى ضرب رأس فرعون ونتف لحيته، فأراد فرعون قتله، فقالت امرأته: هو صغير، جِىءْ بجمرة فأخذها فطرحها في فيه، فبها عقد لسانه، فقال فرعون: لا أقتله، ولكن أخرجوه عن الدار والبلد، فأخرج ولم يدخل عليها حتى كبر، فدخل {على حِينِ غَفْلَةٍ} .
قوله «يَقْتتلانِ» صفة ل «رَجُلَيْنِ» ، وقال ابن عطية: حالٌ منهما، وسيبويه - وإن كان جوَّزها من النكرة مطلقاً - إلَاّ أَنَّ الأكثر يشترطون فيها ما يُسوِّغُ الابتداء بها.