قوله: فِي البُقْعَة» متعلق ( «نُودِيَ» أي) بمحذوف على أنه حال من الشاطىء، وقرأ العامة بضم الباء، وهي اللغة الغالبة، وقرأ مسلمة والأشهب العقيلي بفتحها وهي لغة حكاها أبو زيد قال: سمعتهم يقولون: هذه بقعةٌ طيبة، (ووصف البقعة بكونها مباركة لأنه حصل فيها ابتداء الرسالة، وتكليم الله تعالى إياه) .
قوله:«مِنَ الشَّجَرَةِ» هذا بدل من «شَاطِىء» بإعادة العامل، وهو بدل اشتمال، لأن الشجرة كانت ثابتة على الشاطىء كقوله:{لَّجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بالرحمن لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِّن فِضَّةٍ}[الزخرف: ٣٣] .
قوله:{أَن ياموسى} هي المفسرة، وجوِّز فيها أن تكون في المخففة، واسمها ضمير الشأن، وجملة النداء مفسرة له، وفيه بُعد.
قوله {إني أَنَا الله} العامة على الكسر على إضمار القول، أو على تضمين النداء معناه، وقرىء بالفتح، وفيه إشكال، لأَنَّهُ إنْ جعلت «أَنْ» تفسيرية، وجب كسر «إنِّي» للاستئناف المفسر للنداء بماذا كان، وإن جعلتها مخففة لزم تقدير «أَنِّي» بمصدر، والمصدر مفرد، وضمير الشأن لا يفسر بمفرد، والذي ينبغي أن تُخرَّج عليه هذه القراءة أن تكون «أَنْ» تفسيرية و «أَنِّي» معمولة لفعل مضمر تقديره أَنْ موسى اعلم أَنِّي أنا الله، واعلم أنه تعالى قال في سورة النمل {نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النار وَمَنْ حَوْلَهَا}[النمل: ٨] وقال ها هنا: نُودِي أَنِّي أنا اللَّه ربُّ العالمين، وقال في سورة طه {نُودِيَ ياموسى إني أَنَاْ رَبُّكَ}[طه: ١١ - ١٢] ، ولا منافاة بين هذه الأشياء، فهو تعالى ذكر الكلّ إلا أنه تعالى حكى في كل سورة بعض ما اشتمل عليه بعض ذلك النداء.