لما باعوا به أنفسهم، وهذا أحسن من تقدير أبي البقاء: لو كانوا ينتفعون بعلمهم لامتنعوا من شراء السحر؛ لأن المقدر كلما كان مُتصَيَّداً من اللفظ كان أَوْلَى. والضمير في «به» يعود على السحر، أو الكفر، وفي «يعلمون» يعود على اليَهُودِ باتفاق.
قال الزمخشري: فإن قلت كيف أثبت لهم العلم أولاً في: «وَلَقَدْ عَلِمُوا» على سبيل التوكيد القسمي، ثم نفاه عنهم في قوله:«لوْ كانُوا يَعْلَمُونَ» .
قلت: معناه: لو كانوا يعملون بعلمهم، جعلهم حين لم يعملوا به كأنهم منسلخون عنه، وهذا بناء منه على أن الضميرين في «عَلِمُوا» و «يَعْلَمُونَ» لشيء واحد.
وأجاب غيره على هذا التقدير بأن المراد بالعلم الثاني العَقْل؛ لأن العلم من ثمرته، فلما انتفى الأصل انتفى ثمرته، فصار وجود العلم كعدمه حيث لم ينتفعوا به كما سمى الله تعالى، الكفار «صُمّاً وبُكْماً وعُمْياً» إذ لم ينتفعوا [بهذه الحواس] أو يغاير بين متعلّق العلمين أي: علموا ضرره في الآخرة، ولم يعلما نفعه في الدنيا.
وأما إذا أعدت الضمير في «علموا» على الشياطين، أو على مَنْ بحضرة سليمان، أو على الملكين، فلا إشكال لاختلاف المسند إليه العلم حينئذ.