للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

ثانياً، وأن يكون هو الخبر، و «ثَاوِياً» حال وجعله الفراء منقطاً مما قبله. أي: مستأنفاً كأنَّه قيل: وها أنت تتلو على أمَّتك، وفيه بعد.

فصل

المعنى: {وَلَكِنَّآ أَنشَأْنَا قُرُوناً} خلقنا أمماً من بعد موسى {فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ العمر} أي: طالبت عليهم المهملة، فنسوا عهد الله وتركوا أمره، وذلك أن الله عهد إلى موسى وقومه عوداً في محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - والإيمان به، فلما طال عليهم العمر وخلقت القرون من بعد القرون نسوا تلك العهود وتركوا الوفاء بها، «وَمَا كُنْتَ» مقيماً {في أَهْلِ مَدْيَنَ} كمقام موسى وشعيب فيهم {تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا} تذكرهم بالوعد والوعيد.

قال مقاتل: يقول لم شتهد أهل مدين فتقرأ على أهل مكة خبرهم {وَلَكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ} في كل زمان رسولاً يعني: أرسلناك رسولاً، وأنزلنا عليك كتاباً فيه هذه الأخبار فتتلوها عليهم ولولا ذلك ما علمتها، ولم تخبرهم بها، {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الطور} بناحية الجبل الذي كلَّم الله عليه موسى «إذْ نَادَيْنَا» أي: نادينا موسى: خذ الكتاب بقوَّةٍ.

وقال ابن عباس: إذ نادينا أمتك في أصلاب آبائهم: (يا أمة محمدٍ أجبتكم قبل أن تدعوني، وأعطيتكم قبل أن تسألوني، وغفرت لكم قبل تستغفروني) ، قال: وإنما قال ذلك حين اختار موسى سبعين رجلاً لميقات ربه. وقال وهب: لما ذكر الله لموسى فضل أمة محمد قال موسى: يا رب أرني محمداً، قال: إنك لن تصل إلى ذلك، وإن شئت ناديت أمته وأسمعتك صوتهم، قال: بلى يا رب، قال الله تعالى: يا أمة محمد، فأجابوه من أصلاب آبائهم.

قوله: {ولكن رَّحْمَةً} أي: أَرْسَلْنَاكَ رَحْمَةً، أو أعلمناك بذلك رحمةً، أو لكن رحمناك رحمة بإرسالك وبالوحي إليك وإطلاعك على الأخبار الغائبة عنك.

<<  <  ج: ص:  >  >>