يهتدوا لو أنهم كانوا يهتدون إذا رأوا العذاب ويؤكد ذلك قول {لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ حتى يَرَوُاْ العذاب الأليم}[الشعراء: ٢٠١] قال ابن الخطيب: وعندي أن الجواب غير محذوف وفي تقديره وجوه:
أحدها: أن الله تعالى لما خاطبهم بقوله {ادعوا شُرَكَآءَكُمْ} فهاهنا يشتد الخوف عليهم ويصيرون بحيث لا يرون شيئاً، فقال تعالى:{وَرَأَوُاْ العذاب لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ} شيئاً ولما صاروا من شدة الخوف لا يبصرون شيئاً لا جرم ما رأوا العذاب.
وثانيها: أن الله تعالى لما ذكر عن الشركاء وهم الأصنام الذين لا يجيبون الذين دعوهم، قال في حقهم:{وَرَأَوُاْ العذاب لَوْ أَنَّهُمْ كَانُواْ يَهْتَدُونَ} مشاهدين العذاب، وكانوا من الأحياء لاهتدوا، ولكنها ليست كذلك، فلا جرم ما رأت العذاب فإن قيل: قوله: «ورأوا العَذَابَ» ضمير لا يليق إلا بالعقلاء، وكيف يصح عوده للأصنام، قلنا: هذا كقوله: {فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُمْ} ، وإنما أورد ذلك على حسب اعتقاد القوم فكذا هاهنا.
وثالثها: أن يكون المراد من الرؤية رؤية القلب، أي: والكفار علموا حقيقة هذا العذاب في الدنيا لو كانوا يهتدون، قال: وهذه الوجوه عندي خير من الوجوه المبنية على أن جواب «لو» محذوف، فإن ذلك يقتضي تفكيك نظم الآية.
قوله:«وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ» أي: يسأل الله الكفار {مَاذَآ أَجَبْتُمُ المرسلين} ، فعميت، العامة على تخفيفها، وقرأ الأعمش وجناح بن حبيش بضم العين وتشديد الميم، وتقدمت القراءتان للسبعة في هود، والمعنى: خفيت واشتبهت «عَلَيْهِم الأَنْبَاءُ» وهي الأخبار والأعذار، وقال مجاهد: الحجج يومئذ فلا يكون لهم عذر ولا حجة، فهم لا يستاءلون لا يجيبون وقال قتادة: لا يحتجون، وقيل: يسكتون لا يسأل بعضهم بعضاً وقرأ طلحة «لا يسّاءلون» بتشديد السين على إدغام التاء في السين، كقراءة {تَسَآءَلُونَ بِهِ والأرحام}[النساء: ١] .