للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بعضهم: إنه لا يفرح بالدنيا إلا من رضي بها واطمأن إليها، وأمَّا من يعلم أنَّه سيفارق الدنيا عن قريب لم يفرح. وما أحسن قول المتنبي:

٤٠١٩ - أَشَدُّ الغَمِّ عِنْدِي في سُرُورٍ ... تَيَقَّنَ عَنْهُ صَاحِبُهُ انْتِقَالَا

(وأحسن وأوجز منه ما قال تعالى) {لِّكَيْلَا تَأْسَوْاْ على مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ} [الحديد: ٢٣] قال ابن عباس: كان فرحه ذلك شركاً، لأنه ما كان يخاف معه عقوبة الله تعالى.

وثانيها: قوله: {وابتغ فِيمَآ آتَاكَ} يجوز أن يتعلق «فِيمَا آتَاكَ» ب «ابْتَغِ» ، وإن يتعلق بمحذوف على أنه حال، أَي: متقلباً «فِيمَا آتاكَ» . و «مَا» مصدرية أو بمعنى الذي. والمراد أن يصرف المال إلى ما يؤديه إلى الجنة، والظاهر أنه كان مقرّاً بالآخرة.

وثالثها: قوله: {وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدنيا} قال مجاهد وابن زيد لا تترك أن تعمل في الدنيا للآخرة وقال السُّدِّي: بالصدقة وصلة الرحم وقال علي ألَاّ تنسى صحتك وقوة شبابك وغناك أن تطلب بها الآخرة، «قال عليه السلام لرجل وهو يعظه:» اغْتَنِمْ خَمْساً قبلَ خَمْسٍ شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِك، وصحَّتك قبل سَقَمِكَ، وغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وفَرَاغك قَبْلَ شُغْلِكَ، وحَيَاتكَ قَبْلَ مَوْتِكَ «

قوله: {وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ} : أي: إحساناً كإحسانه إليك، أي: أحسن بطاعة الله كما أحسن إليك بنعمته، وقيل: أحسن إلى الله إليك، وقيل إنه لما أمره بالإحسان بالمال أمره بالإحسان مطلقاً، ويدخل فيه الإعانة بالمال والجاه وطلاقة الوجه وحسن اللقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>