قوله:{مَنْ هُوَ أَشَدُّ} من موصولة أو نكرة موصوفة وهو في موضع المفعول ب «أهلك» ، و «مِنْ قَبْلِهِ» متعلق به، و «مِنَ القُرُونِ» يجوز فيه ذلك ويجوز أن يكون حالاً من {مَنْ هُوَ أَشَدُّ} .
قوله:«وَلَا يُسْأَلُ» هذه قراءة العامة على البناء للمفعول وبالياء من تحت، ورفع الفعل، وقرأ ابو جعفر «وَلَا تُسْأَل» بالتاء من فوق والجزم وابن سيرين وأبو العالية كذلك إلا أنه مبني للفاعل وهو المخاطب، قال ابن أبي إسحاق: لا يجوز ذلك حتى ينصب «المُجْرِمِين» ، قال صاحب اللوامح: هذا هو الظاهر إلَاّ أنَّه لم يبلغني فيه شيء، فإن تركها مرفوعاً فيحتمل وجهين:
أحدهما: أن يكون «المُجْرِمُونَ» خبر مبتدأ محذوف أي هم المجرمون.
الثاني: أن يكون بدلاً من أصل الهاء والميم في «ذُنُبوبِهِمْ» لأنهما مرفوعاً المحل، يعني أن «ذُنُوباً» مصدر مضاف لفاعله، قال فحمل المجرمون على الأصل كما تقدم في قراءة {مَثَلاً مَّا بَعُوضَةٍ} بجر بعوضة، وكان قد خرجها على أن الأصل: يضرب مثل بعوضةٍ، وهذا تعسف كثير فلا ينبغي أن يقرأ ابن سيرين وأبو العالية إلا «المُجْرِمِينَ» بالياء فقط وإنما ترك نقلها لظهوره.
قوله:{وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ المجرمون} قال قتادة: يدخلون النار بغير حساب ولا سؤال، وقال مجاهد يعني لا تسأل الملائكة عنهم، لأنهم يعرفونهم بسيماهم، وقال الحسن: لا يسألون سؤال استعلام وإنما يسألون سؤال تقريع وتوبيخ، وقيل: إن المراد أن الله تعالى إذا عاقب المجرمين فلا حاجة به إلى أن يسألهم عن كيفية ذنوبهم وكنيتها، لأن الله تعالى عالم بكل المعلومات فلا حاجة إلى لاسؤال، فإن قيل: كيف الجمع بينه وبين قوله: {فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُواْ