للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وأصل «يَصُدُّنكَ» «يَصُدُّونَنَّكَ» ، ففعل فيه ما فعل في {لَّيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ} [هود: ٨] ، والمعنى لا تلتفت إلى هؤلاء ولا تركن إلى قولهم فيصدوك عن اتباع آيات الله يعني القرآن. {بَعْدَ إِذْ أُنزِلَتْ إِلَيْكَ وادع إلى رَبِّكَ} أي: إلى دين ربك وإلى معرفته وتوحيده {وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ المشركين} قال ابن عباس: الخطاب في الظاهر للنبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ والمراد به: أهل دينه، أي: لا تظاهروا الكفار ولا توافقوهم ومثله: {وَلَا تَدْعُ مَعَ الله إلها آخَرَ} وهذا وإن كان واجباً على الكلِّ إلا أنه تعالى خاطبه به خصوصاً لأجل (التعليم) ، فإن قيل: الرسول كان معلوماً منه أنه لا يفعل شيئاً من ذلك ألبتة، فما فائدة ذلك النهي؟ فالجواب: أنَّ الخطاب وإن كان معه لكن المراد غيره، ويجوز أن يكون المعنى: لا تعتمد على غير الله ولا تتخذ غيره وكيلاً في أمورك، فإن وثق بغير الله فكأنَّه لم يكمل طريقه في التوحيد، ثم بيَّن أنه لا إله إلَاّ هو أي: لا نافع ولا ضار ولا معطي ولا مانع إلَاّ هو كقوله: {رَّبُّ المشرق والمغرب لَا إله إِلَاّ هُوَ فاتخذه وَكِيلاً} [المزمل: ٩] فلا يجوز اتخاذ إلهٍ سواه.

قوله: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَاّ وَجْهَهُ} من جعل شيئاً يطلق على الباري تعالى - وهو الصحيح - قال: هذا استثناء متصل، والمراد بالوجه الذات، وإنَّما جرى على عادة العرب في التعبير بالأشرف عن الجملة، ومن لم يطلق عليه جعله متصلاً أيضاً، وجعل الوجه ما عمل لأجله أو الجاه الذي بين الناس، أو يجعله منقطعاً أي: لكن هو تعالى لم يهلك.

فصل

استدلت المعتزلة على أن الجنة والنار غير مخلوقتين بأنَّ هذه الآية تقتضي فناء الكل، فلو كانتا مخلوقتين لكان هذا يناقض قوله تعالى في صفة الجنة {أُكُلُهَا دَآئِمٌ} [الرعد: ٣٥] ، والجواب: هذا معارض بقوله تعالى (في صفة الجنة) {أُعِدَّتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>