تصيبكم وهو قوله:» ولنحمل خطاياكم «، نظير هذه الصيغة:{فَلْيُلْقِهِ اليم بالساحل} ثم أكذبهم الله تعالى فقال: {وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِّن شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} فيما قالوا.
فإن قيل: قال: {وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء} وقال بعده: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ} فنفى الحمل أولاً، وأثبت الحمل ثانياً فكيف الجمع بينهما؟
فالجواب: أن قول القائل في» حمل فلان وعن فلان «يريد: أن حمل فلان خف، فإذا لم يخف حمله فلا يكون قد حمل عنه شيئاً، فقوله:{وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء} يعني (لا يرحمون) ولا يرفعون عنهم خطيئة، بل يحملون أوزار أنفسهم، وأوزاراً بسبب إضلالهم (لهم) ، كقوله (عليه الصلاة) والسلام:» مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئةً فَعَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا منْ غَيْرِ أن يَنْقُصَ من وِزِرْهِ شَيْء «، والمعنى: وليحملن أوزار أعمالهم التي عملوها بأنفسهم،» أثقالاً مع أثقالهم «أو أوزاراً مثل أوزار من أضلوا مع أوزارهم، كقوله:{وليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} .
قوله:{وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون} سؤال توبيخ وتقريع، وذلك الافتراء يحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها: قولهم: «ولنحمل خطاياكم» كان لاعتقادهم أن لا خطيئة في الكفر، ثم يوم القيامة يظهر لهم خلاف ذلك، فيسألون عن ذلك الافتراء.
وثانيها: أن قولهم «ولنحمل خطاياكم» كان لاعتقادهم أن لا حشر، فإذا جاء يوم القيامة ظهر خلاف ذلك، فيسألون يوقول لهم: أما قلتم: أن لا حشر.
وثالثها: أنهم لما قالوا: نحمل خطاياكم يوم القيامة، يقال لهم: فاحملوا خطايهم، فلا يحملون ويسألون فيقال لهم: فَلَمَ افتريتم.