ونحوه، روي عن «زيد بن علي» أيضاً تُخَلُقون بضم التاء وتشديد اللام مكسورة مضارع «خلّق» مضعفاً، وقرأ ابن الزبير، وفُضَيْل بن زَرْقَانِ إفكاً - بفتح الهمزة وكسرها - وهو مصدر كالكذب معنى ووزناً، وجوز الزمخشري في الإفْكِ - بالكسر والسكون - وجهين:
أحدهما: أن يكون مخففاً من الأَفِك بالفتح والكسر كالكَذِب واللَّعِب، وأصلها:(الكِذْب واللّعْب) وأن يكون صفة على «فِعْلِ» أي خلقاً إفْكاً أي «ذَا إفْكٍ» .
قال شهاب الدين: وتقديره مضافاً قبل «إفك» مع جعله له صفة غيرُ مُحْتَاجٍ إليه (وإنما كان يُحْتَاجُ إليه) لو جعله مصدراً.
قوله:{إِنَّ الذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً} لا يقدرون أن يرزقوكم، وهذا إشارة إلى عدم المنفعة في الحال والمآل. قوله:«رزقاً» يجوز أن يكون منصوباً على المصدر، وناصبه «لا يملكون» ؛ لأنه في معناه، وعلى أصول الكوفيين يجوز أن يكون الأصل: لا يملكون أن يَرْزُقُوكُمْ رزقاً، فإن «يرزقوكم» هو مفعول «يملكون» ، ويجوز أن يكون بمعنى «المرزوق» فينتصب مفعولاً به، «فابْتَغُوا» فاطلبوا «عند الله الرزق»(و) هذا إشارة إلى استحقاق عبوديته لذاته.
فإن قيل: قال: {لا يملكون لكم رزقاً} نكّر الرزق وقال: {فابتغوا عند الله الرِّزْقَ} فعرفه، فما الفائدة؟ قال الزمخشري نكره في معرض النفي أي لا رزق عندهم أصلاً، وعرفه عند الإثبات عند الله تعالى أي كل الرزق عنده فاطلبوه منه. وفيه وجه آخر وهو أن الرزق من الله معروف بقوله:{وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأرض إِلَاّ عَلَى الله رِزْقُهَا}[هود: ٦] والرزق من الأوثان غير معلوم، فقال:{لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً} لعدم حصول العلم به، وقال:{فابتغوا عِندَ الله الرزق} أي الموعود به، ثم قال:{واعبدوه واشكروا لَهُ} اعبدوه لكونه مستحقاً للعبادة لذاته، فاشكروا له لكونه