إبْراهيمُ سبقه بذلك، واجتهد فيه حتى اشتهر الأمر بالتوحيد عند الخلق عن «إبراهيم» فلم يحتج «لوطٌ» إلى ذكره، وإنما ذكر ما اختص به من المنع من الفاحشة وغيرها، وإن كان هو بدأ يأمر بالتوحيد، (إذ ما من رسول إلا ويكون أكثر كلاماً في التوحيد، وأما «شعيب» فكان بعد انقراض ذلك الزمان، وذلك القوم، فكان هو أصلاً في التوحيد) فبدأ به وقال اعبدوا الله.
قوله:{وارجوا اليوم الآخر} ، قال الزمشخري: معناه افعلوا فعل من يَرْجُو اليومَ الآخر؛ إذ يقول القائل لغيره: كن عاقلاً ويكون معناه افعل فعل من يكون عاقلاً، فقوله:{وارجوا اليوم آلآخِرَ} بعد قوله: «واعْبُدُوا اللَّهَ» يدل علي التفضل لا على الوجوب.
قوله:{وارجوا اليوم الآخر} ، تقدم الكلام عليه، ونصب «مفسدين» على المصدر، كقول القائل: اجلس قعوداً.
قوله:{فكذبوه فأخذتهم الرجفة} .
فإن قيل:(ما الحكمة) فيما حكاه الله عن شعيب من أمر ونهي، فالأمر لا يكذب، ولا يصدق، فإن قال لغيره اعبد الله لا يقال له: كذبت؟
فالجواب: كان شعيب يقول: الله واحد فاعبدوه، والحشر كائن فارجوه، والفساد محرم فلا تقربوه، وهذه فيها إخبارات، فكذبوه بما أخبر به.
(فإن قيل هنا) قال في الأعراف: «فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ» وقال في هود: «فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ» والحكاية واحدة.
(فالحواب) : لا تعارض بينهما، فإن الصيحة كانت سبباً للرجفة، قيل: إن جبريل صاح فتزلزلت الأرض من صيحته، فرجفت قلوبهم، والإضافة إلى السبب لا تنافي الإضافة إلى سبب السبب.
فإن قيل: ما الحكمة في أنه حخيث قال: «فأخذتهم الصَّيْحَةُ» قال: «في دِيَارِهِمْ» وحيث قال: «فأخذتهم الرجفة» قال في «دَارِهِمْ» ؟