للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في مدلوله، ثم نعارض ما ذكرتموه، [ويقال] : النسخ هو النقل والتحويل، [ومنه نسخه الكتاب إلى كتاب آخر، كأنه ينقله إليه، أو ينقل حكياته] كما قلنا في نسخ الكتاب والأرواح والقُرون والمواريث، فإنه تحويل من واحد إلى آخر.

وإذا كان كذلك فيكون حقيقة في النقل مَجَاز في الإبطال دفعاً للشتراك.

[وأجيب] عن الأول من وجهين:

أحدهما: أنه لا يتمنع أن يكون الله تعالى، هو الناسخ لذلك من حيث إنه فعل التشمس والريح والمؤثرتين في تلك الإزالة، ويكونان ناسخين لكونهما مختصين بذلك التأثير.

والثانيك أن أ÷ل اللغة إنما أخطئوا في إضافة النسخ إلى الشمس والريح، فَهَبْ أنه لكن تمسكنا بإطلاقهم لفظ النسخ على الإزالة لإسنادهم هذا الفعل إلى الريح والشمس.

وعن الثاني: أن النقل أخصّ من الإبطال، لأنه حيث وجد النقل، فقد عدمت صفة، وحصل عقيبها صفة أخرى، فإن مطلق العدم أهم من عدمه يحصل عقيبه شيء آخر، وإذا دار اللَّفظ بين الخاص والعام كان جعله حقيقة في العام أولى. وقال آخر: [والنسخ: الإزالة، وهو في الغة على ضربين:

ضرب فيه إزالة شيء وإقامة غيره مقامه نحه: نسخت الشمس الظل، إذا أزالته وقامت مقامه.

والثاني: أن يزيله كما تزيل الريح الأثر] .

قوله: «مِنْ آيةٍ» «من» للتبعيض، فهي متعلقة بمحذوف؛ لأنها صفة لاسم الشرط، ويضعف جعلها حالاً، والمعنى: أي شيء ننسخ من الآيات، ف «آية:» مفرد وقع موقع الجمع، وكذلك تخريج كل ما جاء من هذا التركيب: {مَّا يَفْتَحِ الله لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ} [فاطر: ٢] {وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ الله} [النحل: ٥٣] ، هذا المجرور هو المخصص والمبين لاسم الشرط؛ وذلك أن فيه إبْهَاماً من جهة عمومه، ألا ترى أنك لو قلتك «من يكرم أكرم» تناول النساء والرجال. فإذا قلت: «من الرحال» بيّنت وخصّصت ما تناوله اسم الشرط.

وأجاز أبو البقاء رَحِمَهُ اللهُ تعالى فيها وجهين آخرين:

أحدهما: أنها في موضع نصب على التمييز، والمُمَيَّز «ما» ولتقدير: أيَّ شيء

<<  <  ج: ص:  >  >>