ولم يقل:«يُعِيدُهُمْ» رد على الخلق، ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ؛ فيجزيهم بأعمالهم، قرأ أبو بكر، وأبو عمرو «يَرْجِعُونَ» - بالياء - والآخرون بالتاء.
قوله:{وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يُبْلِسُ المجرمون} قرأ العامة «يُبْلِسُ» ببنائه للفاعل وهو المعروف يقال: أَبْلَسَ الرجل أي انقطعت حجته فكست وهو قاصر لا يتعدى، قال العجاج:
وقرأ السُّلَمِيُّ:«يُبْلَسُ» مبنيّاً للمفعول، وفيه بعدٌ، لأن أبْلَسَ يتعدى، وقد خُرِّجَتْ هذه القراءة على أن القائم مقام الفاعل مصدر الفعل، ثم حذف (المضافُ، وأقيم) المضاف إليه مُقَامَهُ، إذ الأصل يُبْلَسُ إبْلَاس المجرمين، و «يبلس» هو الناصب «ليَوْمَ تَقُومُ» و «يَوْمَئِذٍ» مضاف لجملة تقديرها يَوْمَئِذٍ يقوم وهذا كأنه تأكيد لفظي، إذ يصير التقيدر يبلس المجرمون (يوم تقوم الساعة) .
فصل
قال قتادةُ والكَلْبِيُّ: المعنى يبلس المشركون من كل خير؛ وقال الفراء: ينقطع كلامهم وحججهم. وقال مجاهد: يفتضحون. ولم يكن لهم شركائهم أصنامهم التي عبدوها ليشفعوا لهم شفعاء، {وَكَانُواْ بِشُرَكَآئِهِمْ كَافِرِينَ} يتبرأون منها وتتبرأُ منهم.
قوله:{وَيَوْمَ تَقُومُ الساعة يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ} أي بين أهل الجنة من أهل النار، قال مقاتل: يتفرقون بعد الحساب إلى الجنة والنار فلا يجتمعون أبداً كما قال تعالى: {فَرِيقٌ فِي الجنة وَفَرِيقٌ فِي السعير}[الشورى: ٧] . قوله:{فَأَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ}