على الفطرة «، يعني على العهد الذي أخذه عليهم بقوله:{ألست بربكم قالوا بلى} وكل مولود في العالم على ذلك الإقرار وهي الفطرة التي وقع الخلق عليها وإن عبد غيره قال الله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ الله}[الزخرف: ٨٧]{مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَاّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى}[الزمر: ٣] ولكن لا عبرة بالإيمان الفِطْريِّ في أحكام الدنيا، وإنما يعتبر الإيمان الشرعُ المأمور به، وهذا قول ابن عباس وجماعة من المفسرين. وقيل: الآية مخصوصة بالمؤمنين وهم الذين فطرهم الله على الإسلام، روي عن عبد الله بن المبارك قال معنى الحديث: إن كل مولود يولد على فِطرته أي على خلقته التي جُبِلَ عليها في علم الله تعالى من السعادة والشقاوة فكل منهم صائر في العاقبة إلى ما فطر عليها وعامل في الدنيا بالعمل المشاكل لها فمن أمارات الشقاء أن يُولَد بين يَهْودِيَّيْنِ أو نَصْرَانِيِّيْنِ فيحملانه لشقائه على اعتقاده دينهما، وقيل: معنى الحديث أن كل مولود في مَبْدأ الخلقة على الفطرة أي على الجبلّة السليمة والطبع المنهيّ لقبول الدين، فلو ترك عليها لاستمر على لزومها؛ لأن هذا الدين موجود حُسْنُهُ في العقول، وإنما يَعْدِلُ عنه من يَعْدِلُ إلى غيره لآفة من النُّشوءِ والتقليد فمن يَسْلَمْ من تلك الآفات لم يعتقد غيره، ذكر هذه المعاني أبو سليمان الخَطَّابيُّ في كتابه.
قوله:{لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله} فمن حمل الفِطرة على الدين قال معناه: لا تبديل لذين الله، فهو خبر بمعنى النهي، أي لا تُبَدِّلُوا التوحيد بالشرك. وقيل: هذا تسلية للنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وقال عكرمة ومجاهد: معناه تحريم إخصاء البهائم، ثم قال:{ذَلِكَ الدين القيم} المستقيم الذي لا عوج فيه {ولكن أَكْثَرَ الناس لَا يَعْلَمُونَ} أن ذلكَ هُوَ الدينُ المستقيمُ.
قوله: «مُنِيبِينَ» حال من فاعل «الْزمُوا» المضمر كما تقدم، أو من فاعل «أَقِمْ» على المعنى لأنه ليس يراد به واحدُ بعينه، وإنما المراد الجميع، وقيل: حال من «