فإن قيل: ما الحكمة في قوله ههنا: {إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ} ، وقال في موضع:{فَلَمَّا نَجَاهُمْ إِلَى البَرِّ إِذَا هُمْ يُشرِكُونَ} ولم يقل: فَرِيقٌ.
فالجواب: أن المذكور هناك غير معين، وهو ما يكون من هَوْل البحر، والتخلص منه بالنسبة إلى الخلق قليل، والذي لا يشرك منهم بعد الخلاص فرقة منهم فهم في غاية القلة، فلم يجعل المشركين فريقاً لقلة من خرج من الشرك وأما المذكور ههنا الضر مطلقاً فيتناول ضُرَّ البحر والأمراض والأهوال، والمتخلص من أنواع الضر خلقٌ كثير بل جميع الناس يكونون قد وقعوا في ضر ما فتخلصوا منه والذي لا يبقى بعد الخلاص مشركاً من الناس يكونون قد وقعوا في ضر ما فتخلصوا منه والذي لا يبقى بعد الخلاص مشركاً من جميع الأنواع إذا جمع فهو خلق عظيم وهو جميع المسلمين فإنهم تخلصوا من ضُرّ ولم يبقوا مشركين، وأما المسلمون فلم يتخلصوا من ضُرّ البحر بأجمعهم فلما كان الناجي من الضر المؤمن جمعاً كثيراً سمى الباقي فريقاً.
قوله:«لِيَكْفُرُوا» يجوز أن تكون لام «كي» وأن تكون لام الأمر ومعناه التهديد كقوله: {اعملوا مَا شِئْتُمْ}[فصلت: ٤٠] ثم خاطب هؤلاء الذين فعلوا هذا خطاب تَهْديدٍ فقال: «فَتَمَتَّعُوا» .
قرأ العامة بالخطاب فيه، وفي «تَعْلَمُونَ» ، وأبو العالية بالياء فيهما، والأول مبني للمَفْعُولِ. وعنه أيضاً «فَيَتَمَتَّعوا» بياء قبل التاء، وعن عبد الله «فلْيَتَمَتَّعُوا» بلام الأمر، والمعنى: فسوف تعلمون حالكم في الآخرة.
قوله:{أَمْ أَنْزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً} أي بُرْهَاناً وحُجَّةً، فإن جعلناهُ حقيقة كان يتكلم مجازاً، وإن جعلناه على حذف مضاف أي ذا سلطان كان يتكلم حقيقة، وقال أبو البقاء هنا: وقيل: هو جميع سليط كرغيف ورغفان انتهى.