الذين يفعلون هذه الطاعات ومثله وسئل بعضهم عن الهلوع فلم يزد أن تلا:{وَإِذَا مَسَّهُ الخير مَنُوعاً إِذَا مَسَّهُ الشر جَزُوعاً}[المعارج: ١٩ - ٢٠]
فصل
قال في البقرة:{الذين يُؤْمِنُونَ بالغيب وَيُقِيمُونَ الصلاة}[البقرة: ٣] ولم يقل هنا: الذين يؤمنون بالغيب؛ لأن المتَّقِيَ هو التارك للكفر ويلزم منه أن يكون مؤمناً، والمؤمن هو الآتي بحقيقة الإيمان، ويلزمه أن لا يكونَ كافراً، فلما كان المتقي دالاً على المؤمن بالالتزام مدح بالإيمان هناك، ولما كان المحسن دالاً على الإيمان بالتنصيص لم يصرح بالإيمان.
وتقدم الكلام على نظير قوله:{الذين يُقِيمُونَ الصلاة وَيُؤْتُونَ الزكاة} إلى قوله: «المُفْلِحُونَ» .
قوله:{وَمِنَ الناس مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحديث} لم ابين أن القرآن كتابٌ حيكمٌ يشتملُ على آياتِ حكيمة بين حال الكفار أنهم يَترُكُون ذلك ويشتغلون بغيره. قال مقاتل والكلبي: نزلت في النَّضْرِ بْنِ الحَارِث كان يَتَّجرُ فيأتي الحيرة ويشتري أخبار العجم ويحدث بها قريشاً ويقول: إن محمداً يحدثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدثكم بحديث «رُسْتم، واسفِنْديَار» ، وأخبار الأكاسرة فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن، فأنزل الله هذه الآية، وقال مجاهد: يعني شراء القِيَانِ والمُغَنِّينَ، ووجه الكلام على هذا التأويل من يشتري ذاتَ او ذَا لَهْوِ الحَدِيث، قال عَليه (الصلاة و) السلام: «لا يحل (تعليم) المغنيات ولا بيعهن وأثمانهن حرام» وفي مثل هذا نزلت الآية {وَمِنَ الناس مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الحديث لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ الله} وما من رَجُلٍ يرفع صوته بالغناء إلَاّ بعث الله