استفهامية معلقة «لتَعْلَمَ» فإن كانت متعدية لاثنين سدت مسدهما أو لواحد سدت مسده.
قوله:{مِّنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} قرأ عبد الله، وأبو الدرداء وأبو هريرةَ «من قُراتِ أَعْيُنٍ» جمعاً بالألف والتاء، و «جزاءً» مفعولٌ له، أو مصدر مؤكد لمعنى الجملة قبله، إذا كانت «ما» استفهامية فعلى قراءة (مَنْ قرأ ما) بعدها فعلاً ماضياً يكون في محل رفع بالابتداء، والفعل بعدها الخبر، وعلى قراءة من قرأ مضارعاً يكون مفعولاً مقدماً و «مِنْ قُرَّةِ» حال من «ما» والمعنى مَا يُقِرُّ الله به أعينهم {جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} قال ابن عباس: هذا مما لا تفسير له.
قال بعضهم: أخفوا أعمالهم فأخفى الله ثوابهم.
قوله:{أَفَمَن كَانَ مُؤْمِناً كَمَن كَانَ فَاسِقاً} نزلت في عليِّ بْن أبي طالب، والوليدِ بن عقبة بن أبي معيط أخِي عثمان لأمه وذلك أنه كان بينهما تنازع فقال الوليد بن عقبة لِعَلِيٍّ: اسْكُتْ فإنك فاسق فأنزل الله عزّ وجلّ: {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يَسْتَوونَ} ولم يقل لا يستويان لأنه لم يرد مؤمناً واحداً ولا فاسقاً واحداً بل أراد جميع المؤمنين وجميع الفاسقين. قوله:«لا يستوون» مستأنف؛ روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كان يعتمد الوقف على قوله «فاسقاً» ثم يبتدىء: «لا يَسْتَوونَ» .
قوله:{أَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات} لما ذكر أن المؤمن والفاسق لا يستويان بطريق الإجمال بين عدم استوائهما على سبيل التفصيل فقال: {أَمَّا الذين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات فَلَهُمْ جَنَّاتُ المأوى} قرأ طلحةُ «جنة المأوى» بالإفراد، والعامة بالجمع، أي التي يأوي إليها المؤمنون. وقرأ أبو حيوة نُزْلاً - بضم وسكون - وتقدم تحقيقه آخر آل عمران، {وَأَمَّا الذين فَسَقُواْ فَمَأْوَاهُمُ النار كُلَّمَآ أرادوا أَن يَخْرُجُواُ مِنْهَآ أُعِيدُواْ فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُواْ عَذَابَ النار} وهذا إشارة إلى حال الكافر، واعلم أن العمل الصالح له مع الإيمان تأثير فلذلك قال:{آمنوا وعملوا الصالحات} ، وأما الكافر فلا التفات إلى الأعمال معه فلهذا لم يقل: «وأما الذين فسقوا