والثاني: أن يتعلق بمحذوف على أنه صفة «لحَسَنَةٍ» .
والثالثك أن يتعلق بنفس «حسنة» قالهما أبو البقاء، ومنع أن يتعلق بأسوة قال: لأنها قد وصفت و «كَثِيراً» أي ذِكْراً كَثِيراً.
فصل
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة أي قدوة صالحة أن تنصروا دين الله وتؤازروا الرسول ولا تتخلفوا عنه وتصبروا على ما يصيبكم كما فعل هو إذا كسرت رُبَاعِيَّتُهُ، وجرح وَجْهُهُ وقتل عمه، وأوذي بَضُروبٍ من الأذى فواساكم مع ذلك بنفسه فافعلوا أنتم كذلك أيضاً، واستنوا بسنته {لِّمَن كَانَ يَرْجُو الله واليوم الآخر} قال ابن عباس لمن كان يرجو ثواب الله. وقال مقاتل: يخشى الله واليوم الآخر أي يخشى يوم البعث الذي فيه جزاء الأعمال وذكر الله كثيراً في جميع المواطن على السراء والضراء، ثم وصف حال المؤمنين عند لقاء الأحزاب فقال:{وَلَمَّا رَأَى المؤمنون الأحزاب} لما بين حال المنافقين ذكر حال المؤمنين عند لقاء الأحزاب وهو أنهم لما رأوا الأحزاب قالوا تسليماً لأمر الله وتصديقاً بوعده وهو قولهم: {هذا مَا وَعَدَنَا الله وَرَسُولُهُ} ، وقولهم {وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ} ليس بإشارة إلى ما وقع فإنهم كانوا يعرفون صدق الله قبل الوقوع وإنما هو إشارة إلى بشارة وهو أنهم قالوا: {هذا مَا وَعَدَنَا الله} وقد وقع صدق الله في جميع ما وعد فيقع الكل مثل فتح مكة وفتح الروم وفارس {وَمَا زَادَهُمْ إِلَاّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً}(عند وجوده ووعد الله إياهم ما ذكر في سورة البقرة: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الجنة}[الآية: ٢١٤] إلى قوله: {إِنَّ نَصْرَ الله قَرِيبٌ}[البقرة: ٢١٤] فالآية تتضمن أن المؤمنين يلحقهم مثل ذلك البلاء فلما)(رأوا الأحزاب وما أصابهم من الشدة قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيماناً وتسليماً) أي تصديقاً لله وتسليماً له.
قوله:{وَصَدَقَ الله وَرَسُولُهُ} من تكرير الظاهر تعظيماً لقوله: